responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : انوار الفقاهة( كتاب البيع) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 503

ثمّ إذا كان الإسلام دينا عالميا أبديا لنوع البشر، مع أنّ المجتمعات لا تزال في تطور و تغيير، و لا تزال حوائجهم تختلف و تزاد و تتنوع و تتشعب، مع كون قوانين الإسلام ثابتة و مؤيدة، يقع السؤال أنّه كيف ينطبق ذاك الأمر المتغير دائما، على هذه القوانين الثابتة دائما؟

و هل يمكن الجمع بينهما؟ مع أنا نرى القوانين في الجوامع الإنسانيّة- أي القوانين الموضوعة من ناحية العقول البشرية- تتغير دائما كي تنطبق على متطلباتهم، فالإسلام يجعل قوانينه ثابتة و مع ذلك يقضي بها حوائج الناس في جميع أقطار العالم و جميع الأعصار، و هذا مسألة مهمّة و عجيبة.

و قد فاز الإسلام في هذا الميدان فوزا عظيما، و السرّ فيه مضافا إلى أن واضع القانون هنا هو اللّه جلّ شأنه، العالم بالسرائر، و الوقف على الضمائر، و هو الخالق للإنسان الخبير بحاجاته المادية و المعنوية، فانّ في الإسلام اصولا كلية، و قوانين جامعة، لها شمول كثير، و دوائر واسعة، و خطوط عريضة، و تزدهر زمانا بعد زمان، و تتغير مصاديقها و تبقى ذواتها، مثل‌ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و «المؤمنون عند شروطهم»، و «ما حكم به العقل حكم به الشرع» و غيرها من أشباهها.

أضف إلى ذلك، القواعد الكثيرة المشتملة على العناوين الثانوية مثل «قاعدة لا ضرر» و «قاعدة لا حرج»، و «الضرورة» و «لزوم ما يتوقف عليه حفظ النظام»، و «قاعدة الاهم و المهم عند تزاحم المصالح» و أشباهها.

فكم من مشكلة عظيمة انحلت بمعونتها، و كم من عويصة غامضة مظلمة انكشفت في ضوء أنوارها، فالحكام العناوين الثانوية من أهم أسباب الحكومة الإسلامية لحل المعضلات.

و لكن هنا أمران يجب التنبيه عليهما، و التحذير منهما كل الحذر:

الأوّل: أنّه ليس معنى هذا الكلام، اتباع الاهواء و الجرى وفق المذاق و التلاعب بالأحكام الأولية كما يشاء، بل لا بدّ من الدقة، و كمال الدقة يكون في كشف مصاديقها و الأخذ بما هو مقتضى الحزم و الاحتياط فيها، فانّ الأمر هنا صعب مستصعب، و قد خفي على بعض من لا خبرة له بالفقه حتى أصبحت أحكام اللّه تعالى تابعة لميولهم، رغم حكم‌

اسم الکتاب : انوار الفقاهة( كتاب البيع) المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 503
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست