سبيل اللّه و شبهه و فعل بعض الامور، مكروه بعنوانه الأولى، و لكن بالنذر أو
القسم على تركه يحرم و هكذا أشباهها.
فهذه عشرة عناوين من العناوين الثانوية، و لا ندعي حصرها في ذلك، و لعله يعثر
المتتبع على عناوين اخرى في طيات كتب الفقه، و منه يعلم عدم حصرها في عنواني
«الضرورة» و «الحرج» كما زعمه بعض، بل هناك عناوين كثيرة اخرى لا ترتبط بالضرورة
أو العسر و الحرج، قد عرفت الإشارة إلى شطر منها، مثل التقية التحبيبية و أمر
الوالد و النذر و القسم غيرها.
3- دور العناوين الثانوية في حياة الفقه الإسلامي و إزدهاره
هناك أصلان يعدان من الاصول المسلمة في الإسلام:
«أبديّة الإسلام» و «عالميته»،
فالإسلام لا ينحصر بزمان دون زمان، و بمكان دون مكان و لا قوم دون قوم، بل يجري
مجرى الشمس و القمر، مدى الدهور و الأعصار، و في مختلف أنحاء العالم، يضيء و يشرق
على الجميع إلى آخر الدنيا و في جميع الأقطار.
يدلّ عليهما ما ورد في القرآن من التعبير بقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ ...*، و يا بَنِي آدَمَ ...*، و يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ...*، و يا
أَيُّهَا الْإِنْسانُ ...*، و يا عِبادِيَ ...* في كثير
من الآيات، تدلّ على أنّ المخاطب بها جميع البشر من لدن نزولها إلى آخر الدنيا، و
في كلّ مكان من الأمكنة، و كلّ بقعة من بقاع الأرض.
و يدلّ على الثاني بالخصوص آية الخاتمية: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَ لكِنْ
رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ، [1] و غير ذلك ممّا
ورد في القرآن الكريم من قوله تعالى: وَ ما
أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ[2] و شبهه.
و في السنّة روايات كثيرة ليس المقام مقام بيانها، و قد صار هذا الأصلان من
الواضحات يعرفه كل من له إلمام بالإسلام.