إلى العرف الغير المبالين بأحكام الشرع نراهم لا يقصدون في أمثال المقام إلّا
هذا.
الثاني: ما ورد في كلام الشهيد الثاني قدّس سرّه و غيره أنّ من الجائز أن يكون
عدم ضمان البائع الغاصب عقوبة للمشتري العالم حيث أقدم على معاوضة محرمة كما مرّ
آنفا.
و الجواب عنه ظاهر: فانّ هذا و أمثاله إنّما يصلح حكمة للحكم لو ثبت من دليل
قطعي آخر، و لا يمكن إثبات الحكم بمثله، و لقد أجاد صاحب الحدائق قدّس سرّه حيث
ذكر بعد نقل كلام الشهيد قدّس سرّه: «إن أمثال هذه التحليلات لا تصلح لتأسيس
الأحكام الشرعية بل المدار إنّما هو نصوص الحلية و أحاديث المعصومين عليهم
السّلام» [1].
الثالث: ما ذكره صاحب الجواهر قدّس سرّه في بعض كلماته و حاصله: إنّ المنشأ
للتلف هو الاباحة من ناحية المالك، و لا منافاة بينها و بين الحرمة الشرعية للتصرف
فيه، لعدم الملازمة بين الحرمة الشرعية و الحرمة المالكية، فالشارع حرّم التصرف
فيه بعنوان عوض للمغصوب، و لكن عدم ضمان الغاصب إنّما هو باعتبار الاباحة من ناحية
المالك التي هي المدار في أمثال المقام. انتهى ملخصا [2].
أقول: لا يخفى أنّ إحدى الحرمتين في محل الكلام موضوع للحرمة الاخرى، فكيف لا
تتلازمان؟ فإذا صحت الاباحة المالكية فكيف يحرم عليه التصرف في المال شرعا؟! و إذا
حكى في بعض كلماته في المقام من المحقق الكركى قدّس سرّه و غيره جواز التصرف
للغاصب فيه، و إن أورد عليه بأنّه مناف لما هو كالمعلوم ضرورة من الشرع.
و بالجملة لا يمكن الجمع بين حرمة تصرفه في الثمن شرعا، و عدم كونه ضامنا، و
كل ما ذكر لتوجيهه تكلّفات لا يمكن الاعتماد عليها، و الظاهر أنّ ما ذكره يعود إلى
ما أفاده غيره من الاستدلال بالتسليط المجاني كما لا يخفى، كل ذلك من توجيهات
لمقالة المشهور، توجيهات غير وجيهة.
الرابع: ما أفاده قدّس سرّه أيضا و ركن إليه في جملة السيد قدّس سرّه في بعض
تعليقاته: إن المالك هتك حرمة ماله باذنه في الاتلاف و نحوه فلا يكون الغاصب
ضامنا.
[1]. حدائق الناضرة، ج 18، ص 397 و
ذكر مثله المحقق القمي في جامع الشتات، ج 1، ص 158.