يأت بشيء يروى الغيل، و كأنّه أراد بذلك توجيها علميا منطقيا لما حكي عن
المشهور أو ادعى الإجماع عليه من «عدم الضمان».
و الظاهر أنّ هذا الإشكال لا جواب له و أنّ القبض و الاقباض في أمثال المقام
يقع مبنيا على مالكية الغاصب لا مجانا، و هذا أمر واضح، و هكذا الكلام في العقد
الفاسد مع علم المتبايعين بالفساد فانّه إنّما يقع القبض و الاقباض بعنوان صحة
العقد إمّا خطأ أو بناء منهما عليها.
و ما ذكره قدّس سرّه من الفرق بين المقامين من حيث إنّ التضمين الحقيقي حاصل
في العقد الفاسد، لأنّ المال ماله، بخلاف الغاصب كما ترى، و ليت شعري إذا كان يعلم
بفساد العقد و عدم تأثيره أصلا كيف ينوى التضمين إلّا من طريق البناء على عدم
الاعتناء بحكم الشرع في فساد المعاملة، و نظيره جار في الغاصب بعينه فانّه يعني
على كونه مالكا، غير مبال بحكم الشارع المقدس، فيبيع و يشتري.
و لكنه قدّس سرّه اعلم و اكيس من أن لا يعلم أنّ هذا المدافعات لا تنفع، و لذا
ذكر في آخر كلامه أن مستند المشهور في المسألة لا يخلو من غموض.
و قد ركن إلى هذا الدليل المحقق النائيني قدّس سرّه أيضا في منية الطالب حيث
قال: «إن التسليم و إن كان وقع مبنيا على المعاوضة، إلّا أنّه حيث يعلم بأنّه ليس
مالكا و يسلمه إليه فهو مقدم على المجانية، لما عرفت من أنّ التسليم الخارجي لا
يمكن تقييده بالتسليم إلى المالك الحقيقي، لأنّ البناء و العدوان مصححة للمعاوضة،
لا للفعل الخارجي» (انتهى موضع الحاجة) [1].
هذا و لكن نطالبه بأنّه كيف لا يمكن تقييد الفعل الخارجي بهذا القيد مع أنا
نعلم بأنّ تسليم مال إلى الغير على انحاء مختلفة، تارة يكون بعنوان أداء الدين، و
اخرى بعنوان الزكاة، و ثالثة بعنوان الهبة، و رابعة الهداية، إلى غير ذلك، و ليس
التفاوت بينها إلّا بالقصد، فكيف لا يمكن تقييد التسليط الخارجي بقصد اقباض الثمن
إلى مالكه الادعائي؟ و لعمري لو راجعنا