اسم الکتاب : بحوث في مباني علم الرجال المؤلف : السند، الشيخ محمد الجزء : 1 صفحة : 166
و في باب بعده أورد الأحاديث التي وردت في فضل حفظ الحديث، و أنّ من حفظ أربعين حديثاً ممّا تحتاج الأمّة إليه من أمر دينهم بعثه اللَّه يوم القيامة فقيهاً عالماً، و لم يعذّبه و يُشفّع له [1].
و غيرها ممّا يجد المتتبّع كثيراً منها في مديح هذا المقام من العلم و الدين.
ثمّ لا يخفى أنّ في ما تقدّم من الروايات التمييز بين دراية الحديث و روايته، و أنّ المقام الأوّل أعظم شأنا من الثاني، نظير ما روي من أنّ «حديثاً تدريه خير من ألف حديث ترويه» [2].
لكن لا يخفى أنّ الدراية للحديث و الذي بمعنى الفقاهة طريق آخر غير كثرة الرواية و إن كانت النسبة بينهما من وجه.
و أشكل على ذلك: بأنّ هذه الروايات ضعيفة سنداً، بل و دلالة، حيث إنّ المراد من «على قدر رواياتهم عنّا» هو كثرة الرواية بعد ثبوت حجيّة قول الراوي، لكي يثبت لدينا كثرة روايته عنهم في الواقع، فتكون مدحاً له، و أمّا بدون ثبوت حجّية قوله فلا يُعلم إنّ الروايات الكثيرة عنهم، أو أنّها من وضع الراوي عنهم.
و فيه: إنّ كثرة الرواية- كما قد سبق في صدر البحث- لها حيثيتان في الكاشفية عن الحسن أو الوثاقة، فالأولى من جهة كثرة رواية الراوي عن المعصوم عليه السلام بواسطة أو بدونها، و ظاهر الإشكال في مدلول هذه الروايات ناظر إليه، و الثانية في كثرة رواية الرواة عن الراوي، لا سيّما إذا كانوا أجلّاء و من وجهاء و كبار الرواة.