اسم الکتاب : بحوث في مباني علم الرجال المؤلف : السند، الشيخ محمد الجزء : 1 صفحة : 158
القمي، و غيرهم.
فليس كلّ من هو ثقة يلزم أن يوثّقه أصحاب الرجال في كتبهم، و قد مرّ في المقدّمة في بحث الحاجة إلى علم الرجال من أنّ العلم بأحوال الرواة ليس منسدّاً بابه، بل مفتوح عبر الاستقراء لطرق و أسانيد الروايات الواقع فيها الراوي، للتعرّف على طبقته و شيوخه و تلامذته، و نمط ما يروي من روايات، و استقامة المتون المنقولة عنه، و كونه صاحب كتاب، إلى غير ذلك من الاطّلاع على حاله و شئونه. فالمعيار حينئذ هو حال الأوصاف التي اتصف بها الراوي، و قد قرّبنا أنّ شيخوخة الرواية أو الإجازة هي بمنزلة شيخوخة التلمذة في هذه الأعصار، من كونها إحدى قرائن حسن و وجاهة الظاهر.
و بذلك يظهر لك الجواب على الإشكال الثاني، حيث أنّ قرائن التوثيق ليست من قبيل اللوازم التكوينية غير المنفكّة عن العدالة و الوثاقة، كما هو الحال في جلّ قرائن حسن الظاهر، و من ثمّ اعتدّ بها كقرائن ظنّية أمارية على الواقع، قد يتخلّف الواقع عنها، فمثل ما ذكر في معتبرة ابن أبي يعفور الواردة في العدالة و إحرازها «إن يكون آتياً لصلاة الجماعة لا يؤذي أحداً و لا يغتاب و يؤدّي الأمانة» إلى غير ذلك ممّا ذكر فيها لا يلازم تكويناً بنحو الملازمة التكوينية العدالة، إذ قد يكون واجداً لتلك الصفات و لكن في باطن حاله مقيماً على الكبائر، فليس إذن المتوخّى من طرق التوثيق كونها علل تكوينية، أو معلولات ملازمة للوثاقة و العدالة، و إنّما الغرض منها الاعتداد بها في السيرة المتشرّعة أو العقلائية كقرائن ظنّية تورث الاطمئنان النوعي بهما.
اسم الکتاب : بحوث في مباني علم الرجال المؤلف : السند، الشيخ محمد الجزء : 1 صفحة : 158