1- البرّ بالامّ واحترامها:
يجب على الولد برّ الوالدين وصحبتهما بالمعروف، مؤمنين كانا أو كافرين أو فاسقين، قال اللَّه تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَهُمَا قَوْلًا كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً» [1].
فإنّ قوله: «وَقَضَى رَبُّكَ» هو القضاء التشريعي المتعلّق بالأحكام والقضايا التشريعية، ويفيد معنى الفصل والحكم القاطع المولوي، والمعنى: وقضى ربّك بأن تحسنوا إلى الوالدين إحساناً، وهو بعد التوحيد للَّهمن أوجب الواجبات، كما أنّ عقوقهما من أكبر الكبائر بعد الشرك باللَّه [2]، فإنّ اقتران الإحسان بالوالدين بالتوحيد في العبادة يدلّ على مدى أهمّيته.
فالترغيب والتحريك والأمر [3]) والوصيّة [4] باحترام الوالدين في الكتاب العزيز بهذه المثابة دليل على ثبوت حقّ عظيم للوالدين على الولد لا سيّما الامّ [5].
وتدلّ عليه أيضاً الروايات والأخبار المستفيضة، بل المتواترة:
منها: ما رواه أبو ولّاد الحنّاط، قال:
سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن قول اللَّه:
«وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً» ما هذا الإحسان؟
فقال: «الإحسان أن تحسن صحبتهما، وأن لا تكلّفهما أن يسألاك شيئاً ممّا يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين، أليس يقول اللَّه: «لَن تَنَالُوا البِّرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ» [6]...» [7].
ومنها: رواية جابر، قال: أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم رجل فقال: إنّي رجل شابّ نشيط واحبّ الجهاد ولي والدة تكره ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ارجع فكن مع والدتك، فوالذي بعثني بالحقّ، لُانسها بك ليلة خير من جهاد في سبيل اللَّه سنة» [8]. [1] الإسراء: 23، 24. [2] الميزان 13: 79. [3] البقرة: 83. النساء: 36. الأنعام: 151. [4] العنكبوت: 8. الأحقاف: 15. [5] الأمثل 13: 35. [6] آل عمران: 92. [7] الوسائل 21: 487، ب 92 من أحكام الأولاد، ح 1. [8] الوسائل 15: 20، ب 2 من جهاد العدوّ، ح 2.