و غير ذلك من الآيات الكريمة التي تدلّ على أنّ المبدأ الثاني هو السبب في انتشار نسل آدم و بقاء ذرية الإنسان الأوّل، كما هو صريح قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمٰاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً[4]، بل هو الأصل في خلق كلّ دابة تدب على الأرض، قال تعالى: وَ اللّٰهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مٰاءٍ[5].
و لا ريب في كون المراد بالماء النطفة التي وردت في عدّة آيات، و إن كان الماء هو العنصر المهمّ من بدن الإنسان فإنّه يبلغ 65% من التكوين الماديّ له و البقية هي سائر العناصر الأخرى التي مصدرها التراب- كما عرفت في أوّل هذا الكتاب- و بعد انتقال تلك العناصر إلى الصلب بعملية خاصّة صعبة تشكّلت أوّل نطفة جامعة لتلك العناصر الأوّليّة و حاوية لجميع الخصائص المكوّنة لسائر الأفراد المتشعّبة منها، المتشابهة في الصفات الذاتيّة لتلك العناصر، و المتماثلة في الشكل و الهيئة لتبقى هذه السلسلة إلى ما يريد اللّه عزّ و جلّ من البقاء لها.
فإن كان التراب المصدر لحدوث الإنسان، و لكن الماء- أي: النطفة، كما عرفت- هو المصدر في بقائه، و يعدّ كلاهما من مناشئ تكوينه. و إلى صاحب الماء ينسب الولد، و هي القاعدة المتّبعة في النسب، كما دلّت عليها النصوص الشرعيّة، منها قوله تعالى: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمٰاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً