اسم الکتاب : دراسات في ولاية الفقيه و فقه الدولة الاسلامية المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 494
فيتعين الثالث، أعني الانتخاب و هو المطلوب .
و لاجل ذلك استمرت سيرة العقلاء في جميع الاعصار و الظروف علي الاهتمام بذلك و تعيين الولاة و الحكام
بانتخاب ماهو الاصلح و الاليق بنظر هم و اظهار التسليم و الاطاعة له بالبيعة و نحوها من الطرق، و لم تخل حياة
البشر حتي في الغابات و في العصور الحجرية أيضا من دويلة ما تحقق كيانهم و تدافع عن مصالحهم .
و الله - تعالي - جعل في الانسان غريزة الانتخاب، و مدح عباده علي اعمال هذه الغريزة و انتخاب المصداق
الاحسن فقال : "فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ."[1]
الامر الثاني :
استمرار سيرة العقلاء في جميع الاعصار و الظروف علي الاستنابة في بعض الاعمال، و علي تفويض مايعسر
انفاذه مباشرة الي من يقدر عليه و يتيسر له . و من جملة ذلك، الامور العامة التي يحتاج اليها المجتمع أو خوطب بها
المجتمع و يتوقف انفاذها علي مقدمات كثيرة و قوات متعاضدة، كالدفاع عن البلاد و ايجاد الطرق و وسائل
الارتباط و المخابرات العامة و نحوها مما لايتيسر لكل فرد فرد تحصيلها شخصا و مباشرة، فينتخبون لذلك واليا
متمكنا و يفوضونها اليه و يساعدونه علي تحصيلها. و من هذا القبيل أيضا اجراء الحدود و التعزيرات و فصل
الخصومات، حيث انه لايتيسر لكل فرد فرد التصدي لها، بل يوجب ذلك الهرج و المرج و اختلال النظام، فيفوض
اجراؤها و تنفيذها الي من يتبلور فيه كل المجتمع، و هو الوالي المنتخب من قبلهم . فوالي المجتمع كأنه ممثل لهم و
نائب عنهم في انفاذ الامور العامة .
و الاستنابة و التوكيل أمر عقلائي استمرت عليه السيرة في جميع الاعصار و أمضاه الشرع ايضا.