الترخيص في المخالفة القطعيّة في نفسه - قبيح إذا عرف العبد بأنّه ترخيص في المخالفة، بحيث إنّ ترخيص المولى في المخالفة - مع عدم إحراز العبد لكونه ترخيصا في المخالفة - ليس قبيحا، و لكن بضمّ اطّلاع العبد على ذلك يصبح قبيحا، و هذا شيء لا نتعقّله، و عهدته على مدّعيه، و هو خلف ما مضى من الأصل المسلّم بيننا: من أنّ الحكم الظاهريّ محذوره إنّما هو المصادمة للحكم الواقعيّ ببعض مراتبه، لا أنّه في نفسه محذور من المحاذير. الوجه الثالث: ما لعلّه مذكور في الدراسات«»: من أنّ الحكم الظاهريّ يجب أن يكون محتمل المطابقة للواقع، فلو علمنا مثلا بالكراهة أو الإباحة، لا يكون الحكم الظاهريّ فيه الحرمة، و إن أمكن جعل الحرمة في ذلك، فهو حكم واقعيّ لا ظاهريّ، و عليه فالإباحة المشروطة بترك الآخر غير معقولة في ما نحن فيه، إذ لا نحتمل الإباحة المشروطة في شيء من الطرفين، بل أيّ واحد منهما إمّا حرام مطلقا، أو مباح مطلقا. و يرد عليه: أنّه لا وجه لاشتراط احتمال مطابقة الحكم الظاهريّ للواقع، و إنّما يشترط فيه أمران: أحدهما: الشكّ، و الآخر: كون الحكم الظاهريّ صالحا للتنجيز المحتمل أو التعذير عنه، لأنّ الحكم الظاهريّ عبارة عن الخطاب الناشئ من تزاحم الملاكات الواقعيّة، و إعمال قوانين التزاحم، فلو انتفى الشكّ لم يكن هناك تزاحم، و لو لم يكن الحكم الظاهريّ صالحا للتنجيز المحتمل أو التعذير عنه لم يكن إعمالا لقوانين باب التزاحم، و تقديم أحد الجانبين على الآخر مثلا، فلو علمنا مثلا بالكراهة، فلا معنى للحكم الظاهريّ، لعدم الشكّ، و لو علمنا إجمالا بالكراهة أو الإباحة، فلا معنى للحكم الظاهريّ بالحرمة، لعدم صلاحيته لتنجيز المحتمل أو التعذير عنه. و أمّا الإباحة المشروطة في ما نحن فيه فهي صالحة للتعذير عن الواقع تعذيرا ناقصا، أي: مختصّا بفرض ترك الآخر. الوجه الرابع: أن يقال: إنّ هنا إطلاقين أفراديّين، و إطلاقين أحواليّين، لو تحفّظنا عليها كلّها لزوم الترخيص في المخالفة القطعيّة، فلا بدّ من رفع اليد عن اثنين من أربعة، و هذا كما يمكن برفع اليد عن الإطلاقين الأحواليّين، كذلك يمكن برفع اليد عن الإطلاق الأحواليّ و الأفراديّ من أحد الجانبين، و يرتفع بذلك أيضا