responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
اسم الکتاب : مباحث الأصول المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 4  صفحة : 635
و بهذا انتهى البحث في قاعدة (لا ضرر)، و به تمّ الكلام في مباحث البراءة و الاشتغال و لنشرع بعد هذا في مباحث الاستصحاب إن شاء اللّه.

- ضرر) على تحريم الإضرار بالنفس، و ذلك لأنّ جواز الإضرار بالنفس لا يعتبر حكما ضرريّا، لأنّ المكلّف لا يكون أمام هذا الجواز مكتوف اليد شرعا لا محيص له إلاّ الرضوخ لتحمّل الضرر كي يعتبر الجواز حكما نشأ منه الضرر، و إنّما ينسب هذا الضرر إلى اختيار نفس الشخص لا غير، و هذا بخلاف الإضرار بالغير، فإنّه لو جاز ذلك كان هذا يعني تحميل الغير الضرر، لأنّ الغير لا يملك أمام هذا الجواز حولا أو طولا، فلو ضرّره من جاز له الإضرار اعتمادا على جواز الإضرار كان هذا الضرر مستندا إلى ذاك الجواز، فيكون منفيّا ب (لا ضرر).
و الثاني: ما اختاره أستاذنا الشهيد رحمه اللّه من تفسير ذلك بمعنى نفي الضرر الخارجي المقيّد بنشوئه من الشريعة، أو في دائرة تطبيق الشريعة. و الوجه في هذا القيد أمران:
أحدهما: أنّ نفي الضرر الخارجي على الإطلاق واضح الكذب.
و ثانيهما: أنّ ظاهر حال الشارع في المقام أن يكون المقصود بنفي الضرر نفيه له بما هو شارع، لا بما هو خالق و مكوّن، و هذا لا ينسجم مع نفي الضرر الخارجي على الإطلاق، و إنّما ينسجم مع نفي الضرر المستند إلى الشارع بما هو شارع، و هو الضرر الناشئ من الشريعة.
و الوجه الأوّل لا يستلزم خروج الإضرار بالنفس عن إطلاق الحديث، فإنّه لو نفي الضرر الّذي يتحقّق بلحاظ جواز الإضرار بالنفس لم يكن ذلك كذبا، و لكنّ الوجه الثاني يستلزم خروج ذلك عن الإطلاق، لأنّ الضرر الّذي يلحقه الإنسان بنفسه عمدا لكونه جائزا شرعا لا يستند إلى الشارع بما هو شارع، لأنّ هذا الإنسان كان بإمكانه أن لا يضرّ نفسه رغم التزامه بالشريعة، لأنّ الشريعة لم توجب عليه هذا الإضرار، و إنّما حقّق هذا الضرر بمحض إرادته، و لم يكن هو مكتوف الأيدي أمام حكم الشارع لا حول له و لا طول، بل كان بإمكانه أن يتحرّز من الضرر بتركه، فإنّ جواز الضرر يعني جواز فعله و جواز تركه، و هذا بخلاف باب الإضرار بالغير، فإنّه لو جاز ذلك لم يكن للغير حول و لا طول شرعيّ أمام هذا الجواز، و كان ضرره مستندا إلى الشارع بما هو شارع.
و آخر دعوانا أ ن الحمد للّه ربّ العالمين.


اسم الکتاب : مباحث الأصول المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 4  صفحة : 635
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
صيغة PDF شهادة الفهرست