responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مباحث الأصول المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 4  صفحة : 252
أقول: إنّ القانون الّذي ذكروه في المقام - من أنّ تنجيز العلم بشي‌ء للحكم المتعلّق به مشروطا بكونه تمام الموضوع له - في غاية المتانة، إلاّ أنّ هنا اشتباها عامّا في تطبيقه في كثير من الموارد، نشأ من الخلط بين الحرمة التكليفيّة و الحرمة الوضعيّة، و سوقهما مساقا واحدا. و توضيح ذلك: أنّ هناك فرقا بين الحرمة التكليفيّة المتعلّقة بالماء النجس - و هي حرمة الشرب - و الحرمة الوضعيّة المتعلّقة به - و هي حرمة التوضّؤ به مثلا - فالحرمة الأولى ليست فعليّة قبل وجود الماء النجس، سواء قدر العبد على إيجاده أو لم يقدر، فإن لم يقدر فمن المستحيل ثبوتا فعليّة حرمة شرب الماء النجس عليه، لخروجه عن تحت القدرة، و إن قدر على ذلك، فالمانع الثبوتي و إن كان مرتفعا عندئذ، لكن ظاهر دليل حرمة شرب النجس هو كون الحرمة مشروطة بوجود النجس خارجا، فحرمة الشرب غير فعليّة قبل وجود الماء النجس [1]. و أمّا حرمة التوضّؤ به، و كذا حرمة لبس اللباس النجس في الصلاة،


[1] لعلّ هذا الكلام نتج من قياس مثل (لا تشرب النجس) بمثل (أكرم العالم)، فكما يقال في (أكرم العالم): إنّ الحكم ليس فعليّا قبل وجود موضوعه، و لذا لو لم يوجد عالم لم يجب على المكلّف أن يوجد العالم كي يكرمه، كذلك يقال في، (لا تشرب النجس): ليس الحكم فعليّا قبل وجود موضوعه.
و لكنّنا نرى أنّ الفهم العرفي يفرّق بين باب الأوامر و باب النواهي، ففي باب الأوامر يحمل عرفا - في الأعم الأغلب - متعلّق المتعلّق على أنّ الحكم معلّق عليه، لا على كونه قيدا للمتعلّق، كي يجب إيجاده مقدّمة لإيجاد المتعلّق، و لعلّ السبب في ذلك أنّ الغالب في الأوامر العرفية اختصاص الملاك بفرض وجود متعلّق المتعلّق، فلو قال المولى العرفي مثلا: «أكرم الضيف»، يكون الملاك في الإكرام إذا وجد الضيف، فلا يطلب استضياف أحد مقدمة لإكرامه. أمّا في باب النواهي فالأمر على العكس من ذلك تماما، أي: أنّ الملاك في النهي - الّذي هو المفسدة في الفعل - غالبا يكون ثابتا حتى لدى عدم وجود متعلّق المتعلّق، فالسمّ مثلا - الّذي فرضنا أنّ المولى العرفي نهى عن شربه، لما فيه من الضرر - لا يختصّ اتصافه بالضرر بفرض وجوده، و لذا ترى أنّ العقلاء يبغضون شرب السمّ، سواء كان السمّ موجودا، أو غير موجود.
و لا أقصد بهذا الكلام استحالة عدم فعليّة الحكم في باب النواهي قبل فعليّة الموضوع، فإنّه أولا: قد يتّفق اختصاص الملاك بفرض وجود الموضوع، كما لو فرضنا أنّ ملاك الحكم كان في الجامع بين عدم الموضوع و ترك ارتكابه، فلدى عدم الموضوع لا يوجد ملاك لحرمة الارتكاب، لأنّ المولى مرتو بتحقق الفرد الآخر من فردي الموضوع، فلا يطلب الفرد الآخر.

اسم الکتاب : مباحث الأصول المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 4  صفحة : 252
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست