اسم الکتاب : العدة في أصول الفقه المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 1 صفحة : 131
داخل في جملة أقوال المنكرين لها، بل بينا أن قوله عليه السلام داخل في جملة أقوال العاملين بها، و على هذا سقط السؤال. على أن الّذي ذكروه مجرد الدعوى من الّذي أشير إليه ممن يرجع إلى الأخبار في هذه المسائل، فلا يمكن إسناد ذلك إلى قوم علماء متميزين، و إن قال ذلك بعض غفلة أصحاب الحديث، فذلك لا يلتفت إليه على ما بيناه. فإن قيل: كيف تعملون بهذه الأخبار، و نحن نعلم أن رواتها أكثرهم كما رووها رووا أيضا أخبار الجبر [1]، و التشبيه [2]، و غير ذلك من الغلو [3]، و التناسخ [4] و غير ذلك من المناكير، فكيف يجوز الاعتماد على ما يرويه أمثال هؤلاء؟ قيل لهم: ليس كل الثقات نقل حديث الجبر و التشبيه و غير ذلك مما ذكر في السؤال، و لو صح أنه نقله لم يدل على أنه كان معتقدا لما تضمنه الخبر، و لا يمتنع أن يكون، إنما رواه ليعلم أنه لم يشذ عنه شيء من الروايات، لا لأنه يعتقد ذلك. و نحن لم نعتمد على مجرد نقلهم، بل اعتمادنا على العمل الصادر من جهتهم، و ارتفاع النزاع [5] بينهم، فأما مجرد الرواية فلا حجة فيه على حال. فإن قيل: كيف تعولون على هذه الأخبار و أكثر رواتها المجبرة [6]، و المقلدة،
[1] و هي الأخبار الدالة على نفي الفعل عن العبد حقيقة و إضافة صدوره إلى اللَّه سبحانه و تعالى.
[2] و هي الأخبار التي تشبه الخالق بالمخلوق في الصفات الثبوتية، و أن المعبود جسم، و له جوارح، و أعضاء من يد و رجل و رأس و... و استدلوا على مقالتهم ببعض الآيات كقوله تعالى: يد اللَّه فوق أيديهم [الفتح: 10] و بعض الأحاديث. و أكثر المشبهة من أهل السنة و ممن يسمون أنفسهم بأصحاب الحديث أمثال أحمد بن حنبل و أتباعه.
[3] هو التجاوز عن الحد في وصف الأئمة و إخراجهم عن حدود الخليقة و توصيفهم بصفات الألوهية و الخالقية، و المعتقدون بالغلو يسمون بالغالية و الغلاة.
[4] هو الاعتقاد بتعلق و حلول روح الإنسان المتوفى في جسم إنسان آخر.
[6] هم الذين يعتقدون بأن جميع الأفعال الصادرة من الإنسان تصدر عنه بإرادة اللَّه تعالى و ليس بإرادته، و أن البشر مسيرون بتسيير اللَّه تعالى لهم و ليس لهم إرادة مستقلة و ذاتية.
اسم الکتاب : العدة في أصول الفقه المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 1 صفحة : 131