و السر
في ذلك ان الوجه في عدم اعتبار الأصل المثبت هو ان موضوع أدلة الاستصحاب ما
تعلق به اليقين والشك، فلا يعم غيره. والمفروض ان ما تعلق به اليقين والشك
ليس إلاّ نفس المستصحب، لا لوازمه العقلية، فلا وجه لترتيبه.
و أما إذا كان الأثر العقلي لازما للأعم من الواقع والتعبد فهو محرز وجدانا.
و بعبارة أخرى: لا بد في ثبوت الأثر من ان يكون موضوعه محرزا بالوجدان أو
بالتعبد، وفي موارد الأصول المثبتة ليس موضوع الأثر محرزا بالوجدان ولا
بالتعبد إن كان الأثر أثرا لنفس التعبد، لا لخصوص المتعبد به، كوجوب
الإطاعة المترتب على التكليف بوجوده الواقعي والجعلي، أو نفي استحقاق
العقاب المترتب على عدم التكليف ولو تعبدا، فنفس جريان استصحاب بقاء الوجوب
أو نفي التكليف يحرز الموضوع وجدانا، فيترتب عليه ذلك لا محالة.
و بهذا الوجه يجاب عما ذكره الشيخ من إنكار استصحاب البراءة الأصلية، بل
يجري فيها الاستصحاب، ويترتب عليه القطع بعدم العقاب، من دون حاجة إلى
قاعدة قبح العقاب بلا بيان. التنبيه العاشر: كفاية ترتب الأثر على المستصحب بقاء في جريانه
ذكر في الكفاية[1]ان الاستصحاب
بما أنه ناظر إلى مرحلة البقاء دون الحدوث فلا يلزم أن يكون المستصحب قابلا
للتعبد حدوثا، بل يكفي أن يكون قابلا للتعبد بقاء، كاستصحاب البراءة
الأصلية، فان نفي التكليف أزلا وان لم يكن قابلا للتعبد، إلاّ أنه قابل له
بقاء، فلا يمنع ذلك عن جريان الاستصحاب فيه.
و هكذا إذا كان المستصحب موضوعا للحكم لا يعتبر في جريان الاستصحاب فيه