يكون الحكم الثاني بخصوصه أو منضما إلى الأول مستندا إلى نفي الضرر في الشريعة.
و اما إذا كان المستند إليه خصوص الحكم الأول، وكان الحكم الثاني من جهة
ولايته صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على أموال الأمة وأنفسهم دفعا لمادة
الفساد، كما ذكره المحقق النائيني[1]،
أو تأديبا له لقيامه مقام المعاندة واللجاج، كما يدل عليه قوله صلّى اللّه
عليه وآله وسلّم «اقلعها وارم بها وجهه»و قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم
له«فاغرسها حيث شئت»فانهما ظاهران في غضبه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على
سمرة، وانه في مقام التأديب والتحقير، فالإشكال مندفع من أصله.
ثم ان المحقق النائيني ذكر في المقام جوابا آخر حاصله[2]:
ان دخول سمرة على الأنصاري بغير استئذان إذا كان ضرريا فكما يرتفع هو بنفي
الضرر، كذلك ترتفع علته التي هي ثبوت حق لسمرة في إبقاء نخلته في البستان،
ونظير ذلك ما إذا كانت المقدمة ضررية، فانه كما ينتفي بذلك وجوب المقدمة،
كذلك ينتفي به وجوب ذي المقدمة، فلا مانع من سقوط حق سمرة لكون معلوله
ضرريا.
و لا يخفى عليك ان كون المعلول ضرريا لا يوجب إلاّ ارتفاع نفسه دون علته،
فانه بلا موجب، فإذا كانت إطاعة الزوجة لزوجها ضررية لا يرتفع بذلك إلاّ
وجوب نفسها، واما الزوجية التي هي علة لوجوب الإطاعة فلا مقتضى لارتفاعها
أصلا. كما انه إذا اضطر أحد إلى شرب النجس، فالمرتفع بالاضطرار انما هو
حرمته دون نجاسته التي هي علة الحرمة، والالتزام بارتفاع العلة في المثالين
ونظائرهما يستلزم تأسيس فقه جديد. وقياس المقام بكون المقدمة ضررية الموجب
لارتفاع وجوب ذي المقدمة قياس مع الفارق، ضرورة ان كون المقدمة ضررية
مستلزم لكون ذي المقدمة ضرريا لا محالة، سواء قلنا بوجوب المقدمة أم لم نقل
به، فالمرتفع ابتداء انما هو وجوب ذي المقدمة، لكونه ضرريا بنفسه، ولا ربط
له بانتفاء العلة بارتفاع معلولها.