إليه في غير الضرورة.
و عليه فالصحيح دلالة الحديث على البراءة الشرعية، وبإطلاقه يشمل الشبهات
الموضوعية والحكمية. ومن ذلك يظهر ان ما أفاده المحقق النائيني من ترجيح
الاحتمال الأول، وعدم صحة الاستدلال بهذا الحديث على البراءة الشرعية، خلاف
التحقيق. حديث: كل شيء مطلق
و من الروايات المستدل بها على البراءة قوله عليه السلام «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي»[1]بتقريب:
ان ظاهر الإطلاق في الحديث هو الإطلاق الشرعي المرادف للإباحة، فلا بد وان
يراد من الورود فيه الوصول على ما سنبينه، فيكون المعنى كل ما شك في حرمته
فهو مطلق شرعا، ومحكوم بالإباحة حتى يرد فيه النهي.
ثم ان هذه الرواية بما انها واردة في خصوص الشبهة التحريمية فلا ينبغي الشك
في تقدمها على اخبار الاحتياط، لكونها أخص منها. وقد بالغ شيخنا الأنصاري[2]في العناية بها، حتى جعلها أظهر روايات الباب. ولكن المحققين النائيني والخراسانيّ قدّس سرّه لم يرتضيا الاستدلال بها.
اما المحقق النائيني[3]فذهب إلى
ان مفاد هذه الرواية إنما هو اللاحرجية الأصلية قبل ورود الشرع والشريعة،
فمفادها ان الأشياء بعناوينها الأولية مرسلة حتى يرد من الشارع نهي،
فالإطلاق فيها بمعناه اللغوي، وعليه فالرواية أجنبية عما هو محل البحث،
أعني به إثبات الإباحة لما شك في حرمته بعد ثبوت الشرع، وحكمه بحرمة أشياء
وحلية أشياء غيرها.
[1]من لا يحضره الفقيه: 1-317، ح 937(ط. جامعة المدرسين). [2]فرائد الأصول: 1-369(ط. جامعة المدرسين). [3]فوائد الأصول: 3-363، أجود التقريرات: 2-182.