في الإنشاء والإخبار بقي
شيء، وهو: أنّهم ذكروا أنّ الجملة الخبريّة إذا استعملت في مقام الإنشاء
كما إذا قيل: «يعيد صلاته»في مقام طلب الإعادة مدلولها بعينه هو مدلولها
إذا استعملت في مقام الإخبار، وإنّما الاختلاف في الدواعي، فإذا استعملت في
مقام الطلب وبداعيه تكون إنشاء، وإذا استعملت بداعي الإخبار تكون إخبارا،
والمستعمل فيه على كلّ تقدير شيء واحد، والمدلول في كلتيهما أمر فارد.
و هذا الّذي ذكروه مبنيّ على ما هو المعروف من أنّ الجمل الإنشائيّة موضوعة
لإيجاد معانيها بها، وأمّا على ما اخترناه من أنّ الإنشاء ليس من مقولة
الإيجاد في شيء، وإنّما الجمل الإنشائيّة[1] كالجمل الإخباريّة في أنّها
وضعت لإبراز أمر نفساني بها-و الفرق: أنّ ذلك الأمر النفسانيّ في الجمل
الإخباريّة حيث إنّه قصد الحكاية عمّا في الخارج، فله واقع وراء نفسه ربّما
يطابقه وربما لا يطابقه، وبهذا الاعتبار يتّصف بالصدق والكذب، وفي الجمل
الإنشائية شيء ليس له واقع وراء نفسه، فلا يقبل الاتّصاف بالصدق
والكذب-فاختلافهما في المدلول واضح، فإنّ المدلول في إحداهما قصد الحكاية،
وفي الأخرى أمر آخر.
[1]ظاهر كلام سيدنا الأستاذ وغيره: هو الاشتراك اللفظي في مثل«بعت»بين
الإنشاء والإخبار، وكلّ مشترك لفظي يحتاج إلى قرينة معيّنة، ولازم ذلك أنّ
كلاّ من الإنشاء والإخبار يحتاج إلى قرينة معيّنة، والأمر فيما نحن فيه
ليس كذلك، فإنّ مثل «بعت»عند إرادة الإنشاء يحتاج إلى القرينة، وعند إرادة
الإخبار لا يحتاج إليها(م).