المبحث السادس: في المرّة والتكرار.
و لا يخفى أنّ البحث عن دلالة الأمر على المرّة والتكرار بمعنى الدفعة
والدفعات أو الفرد والأفراد لغو، إذ الدلالة على أحدهما منشؤها أحد أمور
ثلاث: إمّا وضع المادّة، أو الهيئة، أو مجموع المركّب منهما، وشيء من ذلك
لا يكون.
أمّا الثالث: فلا وجود له أصلا، كما تقدّم في باب الوضع.
و أمّا الثاني: فلأنّ الهيئة لأيّ معنى وضعت من الطلب أو البعث أو إظهار الشوق أجنبيّة عن وحدة المطلوب وتعدّده.
و بعبارة أخرى: المرّة والتكرار وصفان للمطلوب والمأمور به الّذي هو أجنبيّ
عن مفاد الصيغة، لا الطلب الّذي هو مفاد الصيغة، فلا معنى للبحث عن وحدته
أو تعدّده[1].
و أمّا المادّة: فلأنّه لو كان لها دلالة على المرّة أو التكرار، لكانت في
جميع المشتقّات حيث إنّ المادّة موجودة في جميعها، ومن المعلوم عدم دلالة
صيغة الماضي أو المضارع على أحدهما.
نعم، موضوع الطلب أو متعلّقه تارة يؤخذ على نحو الطبيعة المطلقة التي توجد
بأوّل الوجودات في الخارج، فيسقط الطلب بفرد واحد، وأخرى يؤخذ على نحو
الطبيعة السارية، سواء كان [1]أقول: بل لا يعقل، إذ يستحيل تعدّد
الطلب مع قطع النّظر عن تعدّد المطلوب، فإنّ تعدّده ينتزع من تعدّد
متعلّقه، كتعدّد العلم المنتزع من تعدّد المعلوم. (م).