و تلخّص
ممّا ذكرنا: أنّ المشتقّ موضوع لمفهوم لو وجد له في الخارج مصداق، يكون
متلبّسا بالمبدإ ومتّصفا به، نظير وضع الإنسان لمفهوم حيوان ناطق، الّذي لم
يلاحظ في مفهومه الوجود ولا العدم. أدلّة الوضع للأعمّ و استدلّ للأعمّي بوجوه: الأوّل: التبادر، وقد عرفت أنّ المتبادر هو المتلبّس.
الثاني: عدم صحّة السلب عن المنقضي.
و فيه: أنّه إن أريد عدم صحّة السلب على الإطلاق، فهو تامّ، وليس لنا كلام فيه.
و إن أريد عدم صحّة السلب بلحاظ حال الانقضاء، فممنوع، ضرورة صحّة سلب«النائم»عمّن نام وقعد، في حال قعوده.
الثالث: كثرة استعماله في المنقضي، فإنّ حمله على المجاز يوجب أكثرية المجاز على الحقيقة.
و فيه-مضافا إلى أنّ كثرة المجاز لا توجب ذلك، بل قد قيل: أكثر محاورات
العرب مجازات-أنّ الاستعمال في المنقضي يكون بلحاظ حال التلبّس، فقولنا:
«هذا قاتل زيد»أو«جاءني ضارب عمرو»أو«شاتم بكر»يراد به من كان كذلك، ولذا
يصحّ تقييده بلفظ«سابقا»و نحوه، كأن يقال: «جاءني ضارب عمرو سابقا»و«هذا
قاتل زيد في الأمس»و لا يصحّ تقييده بلفظ«اليوم» بأن يقال: «هذا قاتل زيد
اليوم»مع أنّه قتله في الأمس.