في دوران الأمر بين النسخ والتخصيص. وقد
ذكر في الكفاية ان الخاصّ والعام المتخالفين يختلف حالهما من حيث التخصيص والنسخ ،
فتارة يكون الخاصّ مخصصا. وأخرى يكون ناسخا. وثالثة يكون منسوخا بالعامّ ، وذكر في
بيان ذلك ـ بعد تسليم أمرين : أحدهما : امتناع التخصيص بعد وقت العمل بالعامّ
لاستلزامه تأخير البيان عن وقت الحاجة. وثانيهما : امتناع النسخ قبل حضور وقت
العمل ـ ان الخاصّ ان كان مقارنا مع العام أو بعده قبل حضور وقت العمل به كان
مخصصا ، وان كان بعد حضور وقت العمل به كان ناسخا ، إذ التخصيص يستلزم تأخير
البيان عن وقت الحاجة ، نعم يستثنى من ذلك صورة ما إذا لم يكن العام واردا لبيان
الحكم الواقعي كما هو الحال في غالب العمومات الواردة في لسان الشرع ، فانه يكون
الخاصّ مخصصا له. وان كان العام واردا بعد حضور وقت العمل بالخاص دار الأمر بين
كون الخاصّ مخصصا وكونه منسوخا ، ويتحقق التصادم بين ظهور العام في العموم وظهور
الخاصّ في الدوام والاستمرار ، وبما ان التخصيص اشتهر وذاع كان ظهور العام ولو كان
وضعيا أضعف من ظهور الخاصّ الإطلاقي ، وبذلك يتعين الالتزام بالتخصيص.
ثم انه تعرض لصورة
الجهل بتاريخ ورود الخاصّ بعد العام وانه بعد العمل به أو قبله ، وحكم بها بالرجوع
إلى الأصول العملية ، ولا تنفع كثرة التخصيص في ترجيحه ، إذ غاية ما تستلزم ، الظن
بالتخصيص بلحاظ الغلبة ولا دليل على اعتبار هذا الظن.
ففرق بين الصورة
السابقة وهذه الصورة ، فان شهرة التخصيص تستلزم أقوائية أحد الظهورين على الآخر ـ في
الصورة السابقة ـ. وليس الأمر كذلك في صورة الجهل بالتاريخ لعدم الدوران بين
الظهورين والتصادم بينهما.