ولكنه لم يسلم
للمحقق الخوانساري التفصيل المزبور ، فقد ناقشه : بأنه لا يخلو الحال اما ان لا
يكون مقتضي الضد المعدوم موجودا ، أو يكون مقتضي كلا الضدين موجودا ، فعلى الأول
يستند عدم الضد إلى عدم مقتضية لا إلى المانع وعلى الثاني يستند عدم الضد إلى
مزاحمة مقتضي الضد الموجود لمقتضيه وغلبته عليه لأقوائيته ، فيرجع العدم إلى ضعف
مقتضية وقصوره عن التأثير لوجود المزاحم الأقوى ، فلا يستند عدم الضد في كلتا
الحالتين إلى نفس وجود ضده ، بل اما ان يستند إلى عدم مقتضية أو إلى مزاحمة مقتضي
الضد الآخر الموجود لمقتضيه ، فلا يكون الضد الموجود مانعا في حال من الأحوال كي
يكون عدمه مقدمة [١].
أقول : الّذي
يقتضيه الإنصاف هو تسليم القول بالتفصيل.
واما ما ذكره
السيد الخوئي من استناد عدم الضد ـ عند وجود كلا المقتضيين ـ إلى مزاحمة مقتضي
الضد الموجود لمقتضي الضد المعدوم وغلبته عليه ، هو أمر يتنافى مع ما عليه البديهة
والوجدان من ان المزاحم والمانع هو نفس الضد الموجود ، فلا يتوقف أحد من الحكم
باستناد عدم وجود الماء في الإناء الّذي فيه الثلج بعد إجرائه فيه ، إلى نفس وجود
الثلج وانه لو لا الثلج لدخل الماء في الإناء. فالمانع بنظر كل أحد هو نفس الضد
فيقال انه لولاه لتحقق الضد الآخر.
والسرّ فيه هو :
ان وجود الضد يسلب قابلية المحل لعروض الضد الآخر عليه ، فيمنع من تأثير المقتضي
في مقتضاه ، فبارتفاعه تتحقق قابلية المحل لعروض الضد الآخر عليه ، وهذا هو
المقصود بعدم المانع ، نظير عدم الرطوبة الرافع لتأثير الرطوبة في عدم مؤثرية
النار في الإحراق.
إلاّ ان هذا
التفصيل لا ينفع في ما نحن فيه من متعلقات الأحكام
[١] الفياض محمد
إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٣ ـ ٣٠ ـ الطبعة الأولى.