تارة : يكونان من
الأعيان التي لها وجود قار بحيث لا ترتفع بعد وجودها بعدم الإرادة فقط.
وأخرى : يكون من
الأفعال التي يكون لها وجود تدريجي فتنعدم بمجرد عدم الإرادة ، لأن المقتضي
المباشر لها هو إرادة الفاعل المختار.
اما النحو الأول ،
وهو ما كان من الموجودات القارة فيتصور فيه الحدوث والبقاء ، فيدعى ان الضد بقاء
مانع عن ضده الآخر كما قربناه. ولا يكون عدم الإرادة رافعا له ، لأن المقتضي
المباشر له بقاء ليس هو الإرادة ، فالسواد إذا وجد يبقى ولو لم تستمر إرادة بقائه.
واما النحو الثاني
، وهو ما كان الأفعال التي هي موجودات تدريجية لا قرار لها ، بل ما يتحقق منها
يتصرم وينعدم بانعدام اجزاء الزمان الّذي تحقق فيها ، فبقاؤه منوط بالإرادة ، فان
المختار إذا أراد فعل وإذا لم تتحقق منه الإرادة لا يتحقق منه الفعل قهرا. وعليه
نقول : ان الفعل الموجود بالنسبة إلى ضده المأمور به لا يكون من قبيل الضد الموجود
، بل من قبيل الضد المعدوم ، لأن الجزء الّذي تحقق منه قد انعدم وما سيتحقق منه
معدوم فعلا ولا يتحقق إلاّ بإرادة فعله. فمثلا إذا شرع المكلف في الصلاة ثم تنجس
المسجد ، فليس هنا شيء قار له وجود يكون مضادا للتطهير وإزالة النجاسة ، وانما
الّذي يمنع من الإزالة ولا يجتمع معها هو الجزء الّذي سيتحقق وهو معدوم فعلا ،
فيكون من الضد المعدوم لا الموجود ، اما ما تحقق فقد انعدم وتصرم.
وبالجملة : لما
كانت متعلقات الأحكام من الأفعال التدريجية الحصول بلا ان يكون لها وجود قار لم
ينفع التفصيل المزبور ، لأنها دائما تكون من الضد المعدوم بالبيان الّذي عرفته ،
وقد عرفت عدم المقدمية في الضد المعدوم. فلا يكون