اسم الکتاب : تحريرات في الأصول المؤلف : الخميني، السيد مصطفى الجزء : 7 صفحة : 488
التبعيّة، فإنّه ينكشف به كشفا عقلائيّا، و هو كاف للتنجيز كما مرّ مرارا [1].
إن قيل: الاضطرار الذي هو العذر هو العقليّ منه، و ما هو موضوع الأدلّة هو العرفيّ، و هو أوسع، فعلى هذا يلزم حكومة الأدلّة الواقعيّة الثانويّة على الأوّلية، و تصير النتيجة تقييدها بها، و يلزم عدم فعليّة الحكم في مورد الاضطرار، كما لو قلنا:
بأنّ الخطابات شخصيّة، فإنّه لا يمكن الالتزام بارتضاء الشرع بعذريّة الاضطرار، مع التزامه بالتحريم و الزجر الجدّي، و لازمه عدم ثبوت الحكم الفعليّ في صورة تقدّم الاضطرار على العلم، كما عليه جلّ الأصحاب، بل كلهم [2].
قلت: نعم، و لكنّ الاضطرار العرفيّ عذر عقلائيّ ممضى و لو بعدم الردع، و ليس ما هو العذر منحصرا بالاضطرار العقليّ بالضرورة و لو لم يكن في الشريعة حديث عن الاضطرار، فالأدلّة اللفظيّة لا تزيد على ما عند العقلاء في باب التعذيرات.
نعم، هنا بيان آخر: و هو أنّ ظاهر حديث الرفع و بعض آخر من أدلّة الاضطرار [3]، هو التصرّف في الأدلّة الأوّلية؛ إمّا برفع ما هو المحرّم، أو بجعل الحلّية المضادّة مع الحرمة، و لكونها حاكمة و مقدّمة لا يبقى وجه لكشف مبغوض المولى بتوسّط الأدلّة الأوّلية، و إن كان ظاهر الكتاب الإلهيّ أنّه لا إثم عليه، و هو بضميمة الأدلّة الأوّلية ينتج فعليّة التكليف، و لكن بضميمة أخبار حلّية المضطرّ إليه، يلزم انتفاء الفعليّة و التقييد.
و أمّا توهّم عدم جريان أدلّة الاضطرار في أطراف العلم، كالشبهة البدويّة؛ لأنّ كلّ واحد مشكوك الحرمة، و لا معنى لتحليل ما هو الحلال، فقوله (عليه السلام): «كلّ
[1]- تقدّم في الجزء الرابع: 167 و 170، و في هذا الجزء: 458 و 462.