فالأمر يدور بين كون الأصل مؤمّنا في الطرفين، أو غير مؤمّن على الإطلاق، سواء فيه الاستصحاب و غيره.
نعم، لو كان هناك ما ينحلّ به العلم الإجماليّ، كالأمارة القائمة على وجه توجب انحلاله حقيقة فهو، و إلّا فالانحلال الحكميّ ممّا لا أساس له.
و قضيّة أنّه لا يكون مؤمّنا في الطرفين بعد تنجيز الواقع؛ للزوم المناقضة، قد مرّ فسادها، و لا حظت أنّه ربّما يكون التكليف فعليّا، و الاضطرار عذرا، و هكذا الإكراه و الجهالة- حسب إطلاق الأدلّة- مثلهما في التعذير، و عرفت أنّ سرّه قانونيّة التكاليف و الخطابات [2].
و أمّا القول: بأنّ العلم الإجماليّ منجّز مادام لم يكن مؤمّن شرعيّ، و يستتبع استحقاق العقاب عند عدم وجود المؤمّن، و في موارد المعارضة لا مؤمّن، و في غير هذه الصور لا تنجّز؛ لوجود المؤمّن، و هو معنى كونه مقتضيا فغير تامّ؛ لأنّ العلم بالتكليف- حسب الطبع و العقل- ينجّز من غير اشتراطه بشيء بعد وجود الحكم الفعليّ؛ و مفروضيّة العلم الإجماليّ به، و إنّما للشرع اعتبار المؤمّن و المعذّر في جميع الصور، من غير أن يلزم منه محذور كما مرّ [3]، و ذلك نظير ما إذا ورد على جواز الاقتحام في جميع الأطراف، كما في الشبهات غير المحصورة مثلا، فإنّه لو ارتكب جميع الأطراف تدريجا يكون معذورا، مع أنّ التكليف فعليّ كما يأتي تفصيله [4]، و العقل ينجّز جميع الأطراف بلا فرق بين الصورتين: المحصورة و غير المحصورة.