فبالجملة: يحتمل جريانها شرعا بلا معارضة رأسا، فليتدبّر جيّدا.
ثمّ إنّ في موارد العلم: بأنّ صوم الغد و ذبح الشاة غدا، إمّا واجب، أو حرام، فربّما يشكل جريان البراءة الشرعيّة؛ بناء على أنّ متعلّق النذر و الحلف، و متعلّق أمر الوالدين و السيّد، لا ينقلب عمّا كان عليه من الحكم الأوّلي [2]، فلا حرمة و لا وجوب بالنسبة إلى عنوان «الذبح» و «تركه» حتّى تجري فيهما البراءة الشرعيّة.
اللهمّ إلّا أن يقال: يكفي لنا أنّه إمّا يجب الوفاء بالنذر بإتيان الفعل عقلا، أو يجب علينا النذر بتركه عقلا، فكلّ واحد من الوجوبين محتمل قابل للرفع، و قد مضى في المقدّمة الاولى: أنّ دوران الأمر بين المحذورين على ثلاث صور: بين الوجوب و الحرام، و بين الوجوبين، و بين الحرامين [3]، إلّا أنّ المتعلّق في الفرض الأوّل هو الفعل، و في الفرضين الأخيرين هو الفعل و تركه، فافهم و كن من الشاكرين.
و ممّا ذكرناه إلى هنا، تظهر مواضع الخلط و الاشتباه في كلمات القوم رحمهم اللّه و لا نشير إليها صونالهم، و خوفا من الإطالة المنهيّ عنها.
و من الغريب تمسّكهم أحيانا بالاستصحاب أو البراءة [4]، و التزامهم بصحّة كلّ واحد منهما بحسب إمكانه ظاهرا، و أنّه غير مناف للحكم الإلزاميّ الواقعيّ، و نتيجة ذلك إمّا التخيير الشرعيّ، أو الإباحة الشرعيّة:
أمّا الأوّل، فلأنّ التخيير الشرعيّ لا يحتاج دائما إلى جعله بعنوانه الأوّلي، أو جعله بالحمل الشائع، بل قضيّة فهم العرف بعد انحفاظ مرتبة الحكم الواقعيّ هنا،