اسم الکتاب : تحريرات في الأصول المؤلف : الخميني، السيد مصطفى الجزء : 7 صفحة : 24
و هنا احتمال رابع: و هو أنّ المقصود جعل الإباحتين؛ الواقعيّة، و الظاهريّة، فيكون شرب التتن مباحا واقعا إلى أن يرد فيه النهي، و لو كان في مورد الشكّ و الشبهة، فهو أيضا شيء مطلق و لو كان ممنوعا بالنهي الواقعيّ، حتّى يرد و يصل النهي إلينا.
و دعوى امتناع الجمع في الدليل الواحد بين الحكمين: الواقعيّ، و الظاهريّ، قابلة للدفع بعد انحلال القضيّة إلى الأحكام انحلالا حكميّا؛ ضرورة أنّ شرب التتن شيء، فيكون مطلقا حتّى يرد فيه المنع و النهي، و إذا كان في مورد مشكوكا و محلّا للشبهة، فهو أيضا شيء بلا إشكال، فيكون مباحا؛ لأنّ بورود النهي الواقعيّ و إن خرج عن الإطلاق، و لكنّه لا يخرج عن الشيئيّة، فيكون منطبقا عليه مصداق من الخطاب المنحلّ، و حينئذ يكون المراد من «الورود» مصداقه الآخر: و هو الوصول؛ لأنّ المراد من «النهي» الوارد أعمّ من الصادر و الواصل؛ ضرورة أنّ النهي الصادر الواصل، من النهي الوارد، و هكذا الصادر غير الواصل، فالوارد يشمل النهيين أيضا.
و بالجملة: لا يبعد إمكان الجمع بين الإباحتين، فيكون دليلا على الخصمين في مسألة أصالة الإباحة، و أصالة البراءة.
أقول: بعد هذه الاحتمالات الكثيرة، كيف يمكن الإذعان بأحدها تعيينا: و هو أنّ المراد من «المطلق» هو عدم المنع الظاهريّ، فإنّه ينفع، أو أنّ إباحة الظاهر داخلة مع عدم أخذ الشكّ و الشبهة في ناحية الموضوع؟!
و غاية ما يستدعي ذلك؛ أنّ صدور مثله عن المعصوم (عليه السلام) يشهد على أنّه مربوط بالمسائل المبتلى بها، و الضرورة قائمة على أنّ العناوين الأوّلية، قد أوحى اللّه أحكامها إلى نبيّه (صلى اللَّه عليه و آله و سلم) و لو كان شيء نجسا و مودوعا مثله عند الإمام (عجّل اللَّه تعالى فرجه) و لكنّه مجعول له الطهارة فعلا، فلا يوجد مطلق بالمعنى الواقعيّ، فيكون المراد من «المطلق» هو المشكوك و المشتبه.
اسم الکتاب : تحريرات في الأصول المؤلف : الخميني، السيد مصطفى الجزء : 7 صفحة : 24