اسم الکتاب : تحريرات في الأصول المؤلف : الخميني، السيد مصطفى الجزء : 7 صفحة : 185
و إن كان المراد منه انحلال العلم و ذهاب أثره، فهو غير جيّد كما مرّ؛ ضرورة أنّ من الممكن أن تكون الطرق الواصلة، موجبة لتنجّز المحتملات غير المنجّزة بالعلم، و يكون المنجّز بالعلم باقيا زائدا على مقدار الطرق و الاصول المثبتة؛ ضرورة أنّ مجرّد كون المعلوم بالإجمال، دائرا بين الأقلّ و الأكثر لا يكفي؛ لكون المعلوم بالإجمال منحصرا فيما هو الواصل بالطرق و الأمارات، بعد احتمال كون الواصل بها هو الأكثر المحتمل، فيكون ما يستحقّ العقوبة عليه باقيا على عهدته.
نعم، للشرع الترخيص في الزائد، و مشكلة الترخيص في هذه الموارد، منحلّة في مسألة كيفيّة الجمع بين الحكم الواقعيّ و الظاهريّ الذي مضى تحقيقه في مباحث الظنّ [1]، و لو لا ترخيصه لكان حكم العقل بقاء أثر العلم حتّى في الشبهات الوجوبيّة، كما اشير إليه، و تكون مقالة الأستراباديّ أيضا مطابقة للقواعد، و لا تجري البراءة العقليّة؛ لوجود البيان، و هو العلم الإجماليّ بأثره، لا بوجوده.
و أمّا المناقشة في بقاء الأثر مع ذهاب علّته و هو العلم، فقد انحلّت في محلّها، كما عليه جماعة من الاصوليّين؛ ضرورة اتفاقهم على ممنوعيّة ارتكاب الإناء الثاني بعد ارتكاب الإناء الأوّل، مع ذهاب العلم الذي هو السبب للتنجيز، و هكذا في موارد الإكراه و الاضطرار و الانعدام و غيرها.
و من الغريب توغّل الاصوليّين فيما هو بحث علميّ، و إهمالهم فيما هو المهمّ بالبحث!! فقد توغّلوا في أنّ الانحلال حكميّ، أو حقيقيّ، و أنّ ميزان الانحلال ماذا [2]؟ و أهملوا أنّ بعد الاطلاع على المحرّمات الكثيرة في الشرع، فهل هو يوجب تماميّة جريان قبح العقاب بلا بيان، أم لا؛ لتمامية البيان عقلا؟