اسم الکتاب : تحريرات في الأصول المؤلف : الخميني، السيد مصطفى الجزء : 7 صفحة : 158
الدليل هو المضمون الذي يستدلّ به، فلا تغفل، و الأمر سهل كما لا يخفى.
هذا مع أنّ رواية جابر و لو لم تبعد صحّتها عندنا على ما تحرّر منّا في محلّه [1]، و لكنّها غير معمول بها إجمالا؛ لأنّ فيها الأمر بردّ ما لا يوافقه القرآن، و هذا غير صحيح. اللهمّ إلّا أن يراد من «عدم الموافقة» هي المخالفة بالتباين.
مع أنّ قوله: «و إن اشتبه الأمر عليكم فيه فقفوا عنده، وردّوه إلينا» ظاهر في الخبر الوارد، لا ما نحن فيه.
و بالجملة: قد مضى في اوائل البحث [2]، أنّ الاصوليّ تمام همّه ارتكاب الشبهات التحريميّة، و ترك الوجوبيّة، و أمّا الإفتاء على الجواز و الرخصة، فهو أمر آخر، و هذه الأخبار ناظرة إلى حديث الإفتاء، كما يظهر بالتأمّل في سائر أخبار المسألة جدّا:
ففي رواية ابن جندب: «و الواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحيّر، وردّ ما جهلوه من ذلك إلى عالمه و مستنبطه؛ لأنّ اللّه يقول في كتابه: وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَ إِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ[3] يعني آل محمّد (عليهم السلام) و هم الذين يستنبطون فهم القرآن ...» [4].
فعلى هذا، يمكن دعوى جواز ارتكاب الشبهات عملا، و ممنوعيّة الإفتاء في مواردها قولا و رأيا، و بذلك يجمع بين السنّة الناهضة على البراءة، و القائمة على لزوم ردّ علم المشتبه إلى أهله.
و ممّا يؤيّد ذلك: أنّ العامّة كانوا يقولون بالقياس و الاستحسان في موارد الجهالة، و هذه الأخبار كأنّها ناظرة إلى ردّ علمها إلى اللّه، كما في بعض الأخبار من
[1]- الظاهر أنّ محلّه قواعده الرجالية و هي مفقودة.