الوجه
الرابع:
إن الأخذ بخبر الثقة إنما يكون في ما من شأنه أن يكون حسياً وأن يكون محتمل
الحسية.
ونقول: لو فرضنا أن بعض الأشياء من
شأنها أن تكون حدسية، ويحتمل فيها الحسية، فلو ثبتت حساً ألا يكون نقلها معتبراً
؟.
هذا
كله بناء على التصوير الأول للإشكال.
وأما
إذا كان الإشكال على التصوير الثاني: أي إن سيرة
العقلاء موضوعها العمل بالخبر الحسي، فسيرة العقلاء نقحت لي موضوع حجية خبر الثقة،
وبهذا يخرج محتمل الحسية، وبالتالي لا يجوز العمل بإخبار الأعلام المتقدمين
لاحتمال الحدسية عندهم.
وجواب
الإشكال حينئذ: إن ما ذكر من كون سيرة العقلاء موضوعها العمل بالخبر
الحسي دون محتمل الحسية مسلّم كما بيّنا ذلك في الجواب الثالث على التصوير الأول، لكن
الإنصاف أنه على هذا التصوير يستحكم الإشكال، لأنه لم يتحقق موضوع العام وهو: كل
خبر ثقة حسي حجة. نعم يمكن نفي هذا التصوير والبقاء على التصوير الأول، فيكون
العمل بالمحتمل هو من باب التمسك بالعام في الشبهة المصداقية عندهم، لا من باب كون
موضوع الحجية يشمل معلوم الحسية ومشكوكها، فتأمل جيداً.