ثمّ
إنّه قد حكى عن بعض الأصحاب استحباب قنوت ثان في صلاة الوتر أي الركعة المنفردة، و
محلّه بعد رفع الرأس من ركوعها كما أنّ قنوتها الأوّل قبل ركوعها و يستند في ذلك
إلى ما رواه الكليني قدّس سرّه في باب السجود و الدعاء و التسبيح فيه عن علي بن
محمد، عن سهل، عن أحمد بن عبد العزيز، قال: حدثني بعض أصحابنا قال:
كان
أبو الحسن الأول عليه السّلام إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال: هذا مقام من
حسناته نعمة منك و شكره ضعيف و ذنبه عظيم، و ليس له إلّا دفعك و رحمتك فإنّك قلت
في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلّى اللّه عليه و آله كانُوا
قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ* وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
طال هجوعي و قل قيامي، و هذا السحر و أنا استغفرك لذنبي استغفار من لا يجد لنفسه
ضرا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا ثم يخر ساجدا صلوات اللّه عليه[2].
و كأن ذيلها «ثم يخر ساجدا» قرينة على أنّ المراد من آخر ركعة الوتر رفع الرأس من
ركوعها، و لكن لم يرد فيها أنّه يرفع يديه حيال وجهه و قال، حتى يحسب قنوتا، و
لعله من الدعاء المستحب.
و
من المحتمل أيضا أن يكون المراد من قوله: «ثم يخرّ ساجدا» سجدة الشكر بعد التسليم
لصلاة الوتر، و الرواية مرسلة لا يمكن رفع اليد بها عن عموم ما ورد في صحيحة
معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «ما أعرف قنوتا إلّا قبل
الركوع»[3].
نعم
يرفع اليد عنه بالإضافة إلى القنوت الثاني في صلاة الجمعة حيث كما ورد في