و الإنصات و العدل في الحكم،
و لا تجب التسوية في الميل بالقلب لتعذّره غالبا، هذا أقول: العدل في الحكم بينهما ممّا لا ينبغي التأمّل في اعتباره لقوله
سبحانه:
وَ
إِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ[1]، و
لكن لا يعرف من العدل في الحكم إلّا الحكم على موازين القضاء و ترك الجور فيه و
إلّا يكون الحكم باطلا غير نافذ.
أمّا
غيره من التسوية في السلام و الجلوس و النظر و الكلام و الإنصات فوجوبها منسوب إلى
الصدوقين و إلى الأشهر أو المشهور بين المتأخرين بل مطلقا، كما يجد الناظر في
كلمات الأصحاب، و يستدلّ على ذلك بمعتبرة السكوني عن أبي عبد اللّه- عليه السلام-:
«قال: قال أمير المؤمنين- عليه السلام-: من ابتلي بالقضاء فليواس بينهم في الإشارة
و في النظر و في المجلس»[2]. و قد
تقدمت معتبرته في إضافة أحد الخصمين[3]، و لعلّ ما
ذكر في المعتبرة من باب المثال و المراد التسوية بينهم و لو في غير ذلك من كيفية
المعاشرة و الإكرام، لئلا يتوهم أحدهما ميل القاضي إلى الآخر، و أنّه يقضي له و لو
بالجور عليه، كما يظهر ذلك ممّا ورد في خبر سلمة بن كهيل من قول علي- عليه السلام-
لشريح: «ثم واس بين المسلمين بوجهك و منطقك و مجلسك حتى لا يطمع قريبك في حيفك و
لا ييأس عدوّك من عدلك»[4].
و
الظاهر انّ الإيهام المزبور حكمة في رعاية التسوية، فيعمّ لزومها حتى ما إذا عرف
القاضي بأنّه لا يعدل عن الحق و الحكم على موازين القضاء حتى مع أقرب الناس إليه،
و أيضا يختصّ التسوية بما إذا كان المتخاصمان مسلمين، و لو كان