و على الثاني إن كان المجعول هو التعبد
بثبوت الواقع فالاصل تنزيلي محرز، و الّا فالاصل غير تنزيلي. و هذا منهج اثباتي
على ما سوف يظهر.
و بناء على هذا المنهج قد تقرّب امارية القاعدتين كما صنعته مدرسة
الميرزا بدعوى انّ ما ورد في ذيل بعض روايات قاعدة الفراغ من التعليل بالاذكرية
حين العمل يناسب مع تتميم كاشفيتها عن الواقع أو باعتبار انها ترجع الى اصالة عدم
الغافلة العقلائية المركوزة، و الاصول العقلائية كلها أمارات و طرق بملاك الكشف و
ليست قواعد تعبدية صرفة[1].
و قد تقرّب الاصلية- كما عن المحقق العراقي-[2]
بدعوى انّ المستظهر من ادلتها اخذ الشك في موضوعها كما في قوله (ع): (اذا شككت في
شيء من الوضوء و قد دخلت في غيره فشكك ليس بشيء، انما الشك في شيء لم تجزه) و
قوله (ع): (كل شيء شك فيه و قد جاوزه فليمض عليه)، و قوله (ع): (كلما شككت فيه
مما قد مضى فامضه كما هو)، و هذا يناسب ان تكون القاعدة اصلا لا أمارة، فانّ
الامارة لا يؤخذ في موضوعها الشك بل يلغى الشك فيها، و يفترض انها علم، و قد ادعى
المحقق العراقي (قدّس سرّه) انّ هذا الظهور حاكم أو مقدم على ظهور ما ورد من
التعليل بالاذكرية في بعض النصوص، فتكون محمولة على بيان حكمة الجعل و التشريع، و
لا اقل من تصادم الظهورين و اجمالهما فيجري حكم الاصلية عليها، نعم هي من الاصول
التنزيلية لما في ادلتها من التعبد بوقوع ما شك في وقوعه أو صحته كما في قوله (ع):
(بلى قد ركعت) أو (امضه كما هو) أو (انه حين العمل اذكر منه حين شك).