و قوله (وَ هُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ) معناه هو اللطيف بعباده من حيث يدبرهم بلطف التدبير، فلطيف التدبير هو ألذي يدبر تدبيراً نافذاً لا يخفو عن شيء يدبره به (الخبير) معناه العالم بهم و بأعمالهم.
ثم قال تعالي ممتناً علي خلقه و معدداً لأنواع نعمه عليهم (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرضَ ذَلُولًا) يعني سهلا سهلها لكم تعملون فيها ما تشتهون (فَامشُوا فِي مَناكِبِها) قال مجاهد: مناكبها طرقها و فجاجها. و قال إبن عباس و قتادة: مناكبها جبالها (وَ كُلُوا مِن رِزقِهِ) صورته صورة الأمر و المراد به الاباحة و الأذن، أذن اللّه تعالي أن يأكلوا مما خلقه لهم و جعله لهم رزقاً علي الوجه ألذي أباحه لهم «وَ إِلَيهِ النُّشُورُ» أي إلي اللّه المرجع يوم القيامة و اليه المآل و المصير فيجازي کل واحد حسب عمله. و في ذلک تهديد.
أَ أَمِنتُم مَن فِي السَّماءِ أَن يَخسِفَ بِكُمُ الأَرضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (16) أَم أَمِنتُم مَن فِي السَّماءِ أَن يُرسِلَ عَلَيكُم حاصِباً فَسَتَعلَمُونَ كَيفَ نَذِيرِ (17) وَ لَقَد كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم فَكَيفَ كانَ نَكِيرِ (18) أَ وَ لَم يَرَوا إِلَي الطَّيرِ فَوقَهُم صافّاتٍ وَ يَقبِضنَ ما يُمسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ بَصِيرٌ (19) أَمَّن هذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَكُم يَنصُرُكُم مِن دُونِ الرَّحمنِ إِنِ الكافِرُونَ إِلاّ فِي غُرُورٍ (20)
أَمَّن هذَا الَّذِي يَرزُقُكُم إِن أَمسَكَ رِزقَهُ بَل لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَ نُفُورٍ (21)