responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 10  صفحة : 309

و التقدير ‌إذا‌ السماء انشقت‌ ‌إلي‌ ‌قوله‌ «وَ حُقَّت‌» فيا أيها الإنسان‌ إنك‌ كادح‌. و ‌قال‌ البلخي‌: الواو زائدة و جواب‌ ‌قوله‌ «أَذِنَت‌ لِرَبِّها» «وَ حُقَّت‌» و ‌هو‌ كقوله‌ «حَتّي‌ إِذا جاؤُها وَ فُتِحَت‌ أَبوابُها» و الأول‌ ‌هو‌ الوجه‌.

و ‌قوله‌ «يا أَيُّهَا الإِنسان‌ُ» خطاب‌ لجميع‌ المكلفين‌ ‌من‌ البشر ‌من‌ ولد آدم‌ يقول‌ اللّه‌ ‌لهم‌ و لكل‌ واحد منهم‌ «يا أَيُّهَا الإِنسان‌ُ إِنَّك‌َ كادِح‌ٌ» و الكدح‌ السعي‌ الشديد ‌في‌ الامر يقال‌: كدح‌ الإنسان‌ ‌في‌ أمره‌ يكدح‌، و ‌فيه‌ كدوح‌ و خدوش‌ ‌ أي ‌ آثار ‌من‌ شدة السعي‌ ‌في‌ الامر، و معني‌ «كادِح‌ٌ إِلي‌ رَبِّك‌َ كَدحاً» ايها الإنسان‌ إنك‌ ‌في‌ أمرك‌ بشدة و مشقة ‌إلي‌ ‌أن‌ تلقي‌ جزاء عملك‌ ‌من‌ ربك‌، فأنت‌ ‌لا‌ تخلو ‌في‌ الدنيا ‌من‌ مشقة، ‌فلا‌ تعمل‌ لها، و اعمل‌ لغيرها فيما تصير ‌به‌ ‌إلي‌ الراحة ‌من‌ الكدح‌، فالغني‌ و الفقير ‌کل‌ واحد منهما يكدح‌ ‌ما يقتضيه‌ حاله‌. و ‌قوله‌ «فَمُلاقِيه‌ِ» تفخيم‌ لشأن‌ الامر ‌ألذي‌ يلقي‌ ‌من‌ جهته‌، فجعل‌ لذلك‌ لقاء جزائه‌، لقاءه‌ و ‌هذا‌ ‌من‌ المعاني‌ العجيبة و الحكمة البالغة و الهاء ‌في‌ «فَمُلاقِيه‌ِ» يحتمل‌ أمرين‌: ‌أن‌ تكون‌ كناية ‌عن‌ اللّه‌، و تقديره‌ فملاقي‌ ربك‌ ‌ أي ‌ تلاقي‌ جزاء ربك‌، و يحتمل‌ ‌أن‌ تكون‌ كناية ‌عن‌ الكدح‌، و تقديره‌ فملاقي‌ كدحك‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ عملك‌. و ‌قال‌ تميم‌ ‌بن‌ مقبل‌:

و ‌ما الدهر ‌إلا‌ تارتان‌ فمنهما        أموت‌ و اخري‌ ابتغي‌ العيش‌ اكدح‌[1]

‌ أي ‌ ادؤب‌ و أسعي‌ ‌في‌ طلب‌ العيش‌. ‌ثم‌ قسم‌ ‌تعالي‌ أحوال‌ الخلق‌ يوم القيامة ‌فقال‌ «فَأَمّا مَن‌ أُوتِي‌َ كِتابَه‌ُ بِيَمِينِه‌ِ» يعني‌ ‌من‌ أعطي‌ كتابه‌ ‌ألذي‌ ‌فيه‌ ثبت‌ أعماله‌ ‌من‌ طاعة ‌او‌ معصية بيده‌ اليمني‌ «فَسَوف‌َ يُحاسَب‌ُ حِساباً يَسِيراً» ‌ أي ‌ يواقف‌ ‌علي‌ ‌ما عمل‌ ‌من‌ الحسنات‌ و ‌ما ‌له‌ عليها ‌من‌ الثواب‌، و ‌ما حط عنه‌ ‌من‌ الأوزار إما بالتوبة ‌أو‌ المغفرة، فالحساب‌ اليسير التجاوز ‌عن‌ السيئات‌، و الاحتساب‌ بالحسنات‌.

و ‌من‌


[1] مر ‌في‌ 3/ 212 و 4/ 77 و 8/ 243
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 10  صفحة : 309
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست