به استحق المدح و الثواب، و المقلد عاص بتقليده، لأنه لا يرجع فيه إلي حجة.
و قوله (وَ الَّذِينَ هُم مِن عَذابِ رَبِّهِم مُشفِقُونَ) فالاشفاق رقة القلب عن تحمل ما يخاف من الأمر، فإذا قسا قلب الإنسان بطل الإشفاق، و كذلك إذا أمن كحال أهل الجنة إذ قد صاروا إلي غاية الصفة بحصول المعارف الضرورية. و قيل:
من اشفق من عذاب اللّه لم يتعد له حداً و لم يضيع له فرضاً.
و قوله (إِنَّ عَذابَ رَبِّهِم غَيرُ مَأمُونٍ) اخبار منه تعالي بأن عذاب اللّه لا يوثق بأنه لا يکون، بل المعلوم أنه كائن لا محالة. و المعني إن عذاب اللّه غير مأمون علي العصاة، يقال: فلان مأمون علي النفس و السر و المال، و کل ما يخاف انه لا يکون، و نقيضه غير مأمون.
و قوله (وَ الَّذِينَ هُم لِفُرُوجِهِم حافِظُونَ إِلّا عَلي أَزواجِهِم أَو ما مَلَكَت أَيمانُهُم) و معناه إنهم يمنعون فروجهم علي کل وجه و سبب إلا علي الازواج و ملك الايمان فكأنه قال: لا يبذلون الفروج إلا علي الازواج أو ملك الايمان، فلذلك جاز ان يقول (حافِظُونَ إِلّا عَلي أَزواجِهِم) و هم حافظون لها علي الازواج، فإنما دخلت (إلا) للمعني ألذي قلناه. و قال الزجاج تقديره: إلا من أزواجهم ف (علي) بمعني (من) او تحمله علي المعني، و تقديره فإنهم غير ملومين علي أزواجهم و يلامون علي غير أزواجهم، و قال الفراء: لا يجوز أن تقول: ضربت من القوم إلا زيداً، و انت تريد إلا أني لم اضرب زيداً. و الوجه في الآية أن نحملها علي المعني، و تقديره و الّذين هم لفروجهم حافظون، فلا يلامون إلا علي غير أزواجهم. و مثله أن يقول القائل:
أصنع ما شئت إلا علي قتل النفس، فإنك غير معذب، فمعناه إلا إنك معذب في قتل النفس.
و قوله (فَإِنَّهُم غَيرُ مَلُومِينَ) أي لا يلامون هؤلاء إذا لم يحفظوا فروجهم