من الازواج، و ما ملكت أيمانهم من الإماء علي ما أباحه اللّه لهم.
ثم قال (فَمَنِ ابتَغي وَراءَ ذلِكَ) و معناه فمن طلب وراء ما أباحه اللّه له من الفروج إما بعقد الزوجية أو بملك اليمين (فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) الّذين تعدوا حدود اللّه و خرجوا عما أباحه اللّه لهم فالابتغاء الطلب و معني (وَراءَ ذلِكَ) ما خرج عن حده من أي جهة کان، و قد يکون وراءه بمعني خلفه نقيض أمامه إلا أنه- هاهنا- الخارج عن حده كخروج ما کان خلفه. و العادي الخارج عن الحق، يقال: عدا فلان فهو عاد إذا اعتدي، و عدا في مشيه يعدو عدواً إذا أسرع فيه، و هو الأصل. و العادي الظالم بالاسراع إلي الظلم.
و قوله (وَ الَّذِينَ هُم لِأَماناتِهِم وَ عَهدِهِم راعُونَ) فالامانة المعاقدة بالطمأنينة علي حفظ ما تدعو اليه الحكمة. و قيل: الأمانة معاقدة بالثقة علي ما تدعو اليه الحكمة.
و قد عظم اللّه أمر الامانة بقوله (إِنّا عَرَضنَا الأَمانَةَ عَلَي السَّماواتِ وَ الأَرضِ وَ الجِبالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَها وَ أَشفَقنَ مِنها وَ حَمَلَهَا الإِنسانُ)[1] و من وحد لفظ الامانة، فلأنها للجنس تقع علي القليل و الكثير، و من جمع أراد اختلاف ضروبها. و قال قوم: المراد بالأمانة الايمان و ما أخذه اللّه علي عباده من التصديق بما أوجب عليهم و العمل بما يجب عليهم العمل به، و يدخل في ذلک الايمان و غيره، و قوله (راعُونَ) معناه حافظون.
و قوله (وَ الَّذِينَ هُم بِشَهاداتِهِم قائِمُونَ) مدح للمؤمنين بأنهم يقيمون الشهادة الّتي يلزمهم إقامتها. و من وحد لفظ الشهادة، فكما قلناه في الامانة سواء، و الشهادة الاخبار بالشيء علي أنه علي ما شاهده، و ذلک أنه يکون عن مشاهدة للخبر به، و قد يکون عن مشاهدة ما يدعو اليه.
و قوله (وَ الَّذِينَ هُم عَلي صَلاتِهِم يُحافِظُونَ) وصف لهم بأنهم يحافظون علي