responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفقه و مسائل طبية - ط بوستان کتاب المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 65

و استدلّ بعضهم عليه بأنّ موت الأمّ به موهوم، فلا يجوز قتل آدمي لأمر موهوم.

لكن اللجنة العلمية للموسوعة الفقهية التي تصدر عن وزارة الأوقاف في الكويت أفتوا بأنّ الحفاظ على حياة الأم أولى بالاعتبار من بقاء الجنين؛ لأنها الأصل، و حياتها ثابتة بيقين، و لأنّ بقاء الجنين سيؤدّي غالبا إلى وفاته بموت أمه‌[1].

أقول: و قد ذكرنا قبل عشرين سنة تقريبا في كتابنا حدود الشريعة (ج 3 ص 214 إلى ص 216) جواز قتل الجنين للأم و الطبيبة حفاظا على حياة الأم و ذكرنا دليله هنا فراجعه إن شئت، و لا أدري هل به قائل منّا أو لا، و إن كان بعض العلماء الذين أدخل كتابي- حدود الشريعة بتمام أجزائه- في موسوعته الفقهية مع الاختصار[2]، اختاره، و قد استدلّ هو عليه بوجهين آخرين أيضا لا يخلو بعض كلامه عن إشكال أو منع عندي‌[3].

و أمّا المورد الثاني، فإن كان في رفع صحة الأم حرجا شديدا عليها جاز إسقاط الجنين الذي لم تلجه الروح بعد؛ لقاعدتي نفي الحرج و العسر، بل و لقاعدة نفي الضرر، و أمّا إذا ولجتها الروح فلا تجري تلك القواعد في المقام؛ لأنّها امتنانية في حقّ جميع المكلّفين، فلا معنى لإجرائها لنفع بعض و ضرر بعض آخر.

أقول: لا مانع من صحّة هذا القول المشتهر بالنسبة لقاعدة نفي الضرر في المقام، لعدم ذكر ضمير الخطاب فيها، لا سيما بملاحظة قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و لا ضرار، بناء على تفسيره بالاضرار بالغير، و عليه فلا تصلح القاعدة لنفي الحكم الذي يستلزم ترخيص الإضرار بالغير، لعدم انعقاد إطلاق له من هذه الجهة. و أمّا بالنسبة إلى قاعدتي نفي الحرج و العسر فلا نسلّمها، فإنّ في شمول مثل قوله تعالى: ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ‌[4]، و مثل قوله: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ، للجنين منع واضح، بل في شموله للأطفال غير المميّزين بل المميّزين إشكال، فإنّ القدر المتيقّن من الخطاب فيهما (عليكم- بكم) هم المكلّفون،[5] و لكن مع ذلك لا يتيسّر الفتوى بجواز إتلافها لصحة أمها لقوله تعالى: مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ[6]، و غيره، و اللّه العالم.


[1] . نفس المصدر ص 259 و لاحظ ص 422؛ رؤية إسلامية لزراعة بعض الأعضاء البشرية ص 422.

[2] . الفقه ج 92 ص 82.

[3] . نفس المصدر.

[4] . الحج آية 78.

[5] . تقدم في ص 15 فرق آخر بين قاعدة نفي الضرر و نفي الحرج عن بعضهم فتكون الفوارق بينهما أمور ثلاثة.

[6] . المائدة آية 32.

اسم الکتاب : الفقه و مسائل طبية - ط بوستان کتاب المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف    الجزء : 1  صفحة : 65
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست