اسم الکتاب : الفقه و مسائل طبية - ط بوستان کتاب المؤلف : المحسني، الشيخ محمد آصف الجزء : 1 صفحة : 61
المسلم بلا خلاف للنصوص. قال
المحقق في الشرائع: «و لو ضربها فألقته، فمات عند سقوطه، فالضارب قاتل يقتل إن كان
عمدا». و قال صاحب جواهر الكلام في شرحه: لتحقّق موضوع القصاص فيه، و هو إزهاق
الروح المحترمة، سواء كانت مستقرة أو لا، خلافا لبعض العامة حيث حكم بأنّه إذا لم
يتوقع أن يعيش لا تكمل فيه الدية (عن آخر)[1]
فأوجب فيه الغرة، و هو- كما ترى- مناف لإطلاق الأدلّة التي مقتضاها القصاص مع
تيقّن حياته و إزهاقها بالجناية[2].
أقول:
و لا أدري نظر ساير فقهائنا فيه، و على كلّ يمكن أن يستدلّ على ثبوت القصاص بقوله
تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا
بِالْحَقِّ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا
يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً[3] و
غيرها من الآيات.
و
يمكن أن نذكر وجوها لتقييد الأدلة الدالّة على القصاص:
فمنها:
صحيحة أبي بصير المرويّة في الكافي قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل قتل
رجلا مجنونا، فقال: «إن كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه فلا شيء عليه من قود و
لا دية، و يعطى ورثته ديته من بيت مال المسلمين، و قال: و إن كان قتله من غير أن
يكون المجنون أراده، فلا قود لمن لا يقاد منه، و أرى أنّ على قاتله الدية من ماله
يدفعها إلى ورثة المجنون و يستغفر اللّه و يتوب إليه[4]».
فإن
قوله: «فلا قود لمن لا يقاد منه» مطلق يشمل الطفل فضلا عن الجنين، كما استدل به
سيّدنا الأستاذ الخوئي رحمه اللّه على ما اختاره من عدم تشريع القصاص في المقام[5].
و
قيل: إنّ لفظ الحديث في الفقيه هكذا «فلا قود عليه ...» أي لا قود على رجل قتل
مجنونا لمن لا يقاد منه.
و
عليه فلا يستفاد منه الكبرى الكلية، لكن نسختي من الفقيه خالية عن تلك الزيادة
«عليه» فلم تثبت مخالفة الصدوق و الكليني في النقل، فتأمّل.
على
أنّه يمكن الاستفادة المذكورة منها على هذا التقدير أيضا، بل هو غير بعيد، فإن
مجرّد قوله: «لمن لا يقاد منه» يفي بإثبات المراد.
[1] . قيل إنّ كلمة( عن آخر) محتملة الزيادة في
العبارة.