اسم الکتاب : مصباح الأصول( طبع موسسة إحياء آثار السيد الخوئي) المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 1 صفحة : 219
إن قلت: مقتضى إطلاق الآية حرمة الكتمان و لو مع علم المخبر بأنّ إخباره لا يفيد العلم للسامع، و لا ينضم إليه إخبار غيره لكتمانه، و حرمة الكتمان في هذا الفرض تدل على وجوب القبول، و إلّا لزم كونها لغواً كما في حرمة الكتمان على النساء.
قلت: ظهور الحق للناس و حصول العلم لهم إنّما هو حكمة لحرمة الكتمان، و الحكمة الداعية إلى التكليف لا يلزم أن تكون ساريةً في جميع الموارد، أ لا ترى أنّه يجب على الشاهد أن يشهد عند الحاكم إذا دعي لذلك بمقتضى قوله تعالى:
«وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا»[1] و لو مع العلم بعدم انضمام الشاهد الثاني إليه، مع أنّ الحكمة في وجوب الشهادة- و هي حفظ حقوق الناس- غير متحققة في هذا الفرض، و كذا الحال في وجوب العدّة على المطلّقة و على المتوفّى عنها زوجها و إن كانت عقيماً، مع أنّ الحكمة و هي التحفظ على النسب غير موجودة في مفروض المثال.
و يدل على ما ذكرناه- من أنّ الغرض من حرمة الكتمان في مقام ظهور الحق و حصول العلم به لعامّة الناس لا وجوب القبول تعبداً- أنّ مورد الآية هو نبوّة نبيّنا (صلّى اللَّه عليه و آله) و من الظاهر عدم حجّية خبر الواحد في اصول الدين.
[4- الاستدلال بآية الذكر]
و من جملة الآيات: آية الذكر، و هي قوله تعالى: «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ* بِالْبَيِّناتِ وَ الزُّبُرِ»[2] و تقريب الاستدلال بهذه الآية الشريفة هو تقريب الاستدلال بالآية السابقة، من أنّ وجوب السؤال يدل على وجوب القبول بالملازمة، و إلّا لزم كون وجوب السؤال لغواً.