مسيرة السلطة في الإسلام، التي قادها أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، أوجب الإحباط عند الخاصة الذين من شأنهم الموازنة بين القوى وعدم الاندفاع العاطفي في اتخاذ المواقف.
حيث لا يتوقع أن يأتي قائد أفضل من أمير المؤمنين (ع) علماً بالدين، وإخلاصاً لقضيته، والتزاماً بالمبادئ، وشجاعة، وصلابة في الموقف، وسابقة، وأثراً في الإسلام. ولا أظهر شرعية منه عند الكل بعد تمامية بيعته باختيار عامة المسلمين.
حتى إنه لا إشكال عند أهل العلم والمعرفة أخيراً في شرعية خلافته، وبغي الخارجين عليه، ووجوب قتالهم. كما ذكرنا بعض ما يتعلق بذلك في أواخر الكلام في المقام الأول[1].
كما لا يتهيأ أنصار أكثر من أنصاره ولا أفضل، حيث بايعه عن قناعة تامة الكثرة الكاثرة من المسلمين، وفيهم العدد الكثير من المهاجرين والأنصار وذوي السابقة والأثر الحميد في الإسلام، ومن أهل النجدة في العرب، وذوي المقام الاجتماعي والنفوذ فيهم، والذين لهم الأثر الكبير في فتوح الإسلام. وقد قدموا من أجل دعمه (ع) ونجاح مشروعه أعظم التضحيات.
وأيضاً لا يتوقع- بمقتضى الوضع الطبيعي- أن يأتي زمان أفضل من زمانه (ع)، لقربه من عهد رسول الله (ص)، والتعرف على تعاليمه، ووجود الكثرة الكاثرة من صحابته.
وقد أكدت الأحداث المتلاحقة ذلك، حيث لم يسجل تاريخ الإسلام نجاح حركة إصلاحية حقيقية- تلتزم المبادئ في أهدافها، وفي وسائل نجاحها في صراعاتها، محافظة على نقائها واستقامتها- وبقاءها مدة أطول من عهد أمير