اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 99
السادسة إذا كان ظاهر حال
المتكلّم أنه متوجّه إلى كلامه فإنـنا نفهم المرادَ الإستعمالي ، ثم إذا كان ظاهر
حال المتكلّم أنه جادٌّ في كلامه فإنـنا نفهم من الكلام والمتكلّم المرادَ الجِدّي
للمتكلِّم وهي المرحلة السابعة ، فإذا فَهِمْنا المرادَ الجدّي للمتكلّم فإنّ
الحجيّة تـنصبّ على هذا المعنى الجدّي ، وهي المرحلة الثامنة . ولك أن تسمّي هذه
بمراحل الوضْع والإستعمال والدلالات والحجيّة .
*ملاحظة : لا شكّ أنك تعلم
أنّه بكثرة الإستعمال يَحصل القرنُ الأكيد ، ثم بالترتّب ـ أي مِن دون فاصل زماني
ـ يحصل الوضعُ الذي هو معلول للقرن الأكيد ، ثم بأدنَى تأمّل تعرفُ أنّ الإستعمال
في المرحلة الأولى هي غير الإستعمال التي اعتبرناها المرحلة الرابعة ، فإنّ الإستعمال
الأوّل يكون مجازيّاً لأنهم كانوا ـ في بداية الإسلام ـ يَستعملون كلمةَ (الصلاة)
مثلاً في غير ما وُضِعَتْ له ـ ذلك لأنّ المعنى الموضوع له سابقاً كان الدعاءَ على
ما قيل ، فحينما كانوا يستعملون كلمةَ (الصلاة) بمعنى الصلاة المعهودة في شرعنا
كان الإستعمالُ مجازيّاً لا محالة ، والعلاقة بين المعنيـين هو الشبه الواضح ـ ثم
في المرحلة الرابعة صار الإستعمالُ حقيقيّاً ، لأنه صار بعد حصول الوضع .
وهنا ستّ مسائل
المسألة
الأولى : المعاني الحرفية
عرَّفوا الحرفَ في علم الأصول
بأنه ما يُفيد الربطَ الذهني بين المعاني الإسميّة ، والحروف مثل : في ، عن ، على .
فالمعنى الحرفي هو الرابط بين المعاني الإسميّة ، ولا يصحّ أن يقال إنّ المعنى
الحرفي هو الربْط بين المعاني الإسميّة ، وذلك لأنّ الربْط والحَلّ والعَقْدَ هي
صفات إنـتزاعيّة ينـتزعها العقلُ ، كالعدالة والجمال والجودة والفَرَحِ والحُزْن
... والصفةُ لا تربط ، أمّا المعنى الحرفي فإنه يربط ، يعني : طولُ الحبْلِ وقوّته
وجمالُه لا تربط ، وإنما نفسُ الحبلِ يربط ، لذلك نقول بأنّ المعنى الحرفي هو رابط
ـ إبتداءً وفِعلاً ـ بين المعاني الإسميّة كالحبل الذي يربط بين شيئين في الخارج .
ثم بما أنّ الحرف هو ما يوجِد الربطَ الذهني بين المعاني الإسميّة فقد قالوا بأنّ هيأةَ
الفعل وهيأة الجملة هما أيضاً حروف ، فمثلاً : هيأة (صَلِّ) حرفٌ لأنها تـفيد
الربطَ بين (أنـت) و (الصلاة) وتـفيد معنى الوجوب ، وهيأة (يصلّي) تـفيد الربطَ بين
(هو) و (الصلاة) وتـفيد معنى الإخبار ، وهيأة الجملة الشرطيّة تـفيد معنى توقّف
الجزاء على الشرط ... ومن هنا تعرف الفرق بين المعنى الإسمي والمعنى الحرفي ،
فالمعاني الإسميّة ـ كمفاهيم الصلاة والصيام وصُوَر زَيدٍ وعَمْرو ـ يظهر معناها
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 99