اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 100
للسامعِ بنحو الإستـقلال ،
والمعنى الحرفي ـ كمعنى النسبة الطَلَبـية في (صَلِّ) ـ لا يَظهرُ معناه للمتكلّم
ولا للسامع مِن دون تصوّر مادّتَي (أنـت) و (الصلاة) . أمّا نفس الأسماء والحروف
فإنّ المستعمِل والسامع ينظران إليهما كآلةٍ ولا ينظران إليهما بحدّ ذاتهما ، أي
يُنظَرُ بهما ، ولا يُنظَرُ إليهما ، إلاّ إذا أردت أن تـنظر إليهما أحياناً كما
تريد أن تـنظر أحياناً إلى نفس المرآة لا إلى وجهك كما هي العادة . أمّا الواضع
للأسماء وللحروف فقد كان ينظر إليهما بحدّ ذاتهما ليضعهما لمعانيهما .
ونحن قد شرحنا أقوالَ القوم في
هذه المسألة في حلقات السيد الشهيد الصدر وعلّقنا عليها ، وقلنا بأنّ للحروف معاني
وذلك بالوجدان ، فإنّ معنى (في) تـفيد معنى غير معنى (من) وبدليل الإختلاف بين معنى
(في) ومعنى (من) وغيرهما ... وأنّ الحروف موضوعةٌ للنسب على أنحائها كالنسبة
الظرفيّة والنسبة الإبتدائيّة والنسبة الإستعلائيّة ـ التي هي معنى حرف (على) ـ
والنسبة الطلبـية ـ التي هي معنى هيأة (صَلِّ وصُمْ) ـ والنسبة الندائيّة ـ التي
هي معنى حرف النداء (يا) ـ الواقعة بين المنادِي والمنادَى ، فإنّ تـقدير جملة (يا
زيد) هو (أدعوك يا زيد) ، وإلاّ إن لم تـقدِّرْ كلمةَ (أدعوك) فإنّ الجملة التامّة
المعنى لا يمكن أن تـتركّب مِنْ إسمٍ وحَرْفٍ فقط ـ فإنك تراهم أَعْرَبوا (يا) حرفَ
نِداء لا إسم نداء ـ ولذلك قال العلماء بلزوم تـقدير (أدعوك) ، وقالوا بأنّ جملة
النداء هي جملة إنشائيّة لا خبريّة .
المهمّ هو أنّ المعاني الحرفيّة
لا تـتصوّر بنحو الإستـقلال وإنما تـتصوّر بنحو الرابط لأنها قائمةٌ في غيرها ، أو
قُلْ هي تـتصوّر بنحو الآلة ، أي كما لو نظرت إلى المرآة وأنت تريد أن تـنظر إلى
وجهك ، ولا تلتـفت إلى المرآة في نفسها ، أمّا المعاني الإسميّة فهي قائمةٌ بذاتها
في الذهن ولذلك هي تـتصوّر بنحو الإستـقلال ، ولذلك فأنت يمكن لك أن تـتصوّر صورة زيد
في الذهن ، ويمكن أن تـتصوّر معنى الحبّ والجمال في الذهن حتى قبل الإستعمال ،
لكنك لا يمكن لك أن تـتصوّر النسبةَ الربطيّة الظرفيّة من دون تصوّر الطرفين كـ
(زيد) و (البـيت) في جملة (زيد في البـيت) إلاّ في موطن الإستعمال ـ أي عند إرادة
الإستعمال أو عند سماع الجملة ـ ، ولذلك فأنت إذا قلتَ لشخصٍ : (زيدٌ نائمٌ) فأنت تـنظر
إلى (زَيد) وإلى (نائم) وكذا السامع ينظر إليهما ، وأمّا نسبة النوم إلى زيد فأنت تغفل
عنها ، ولذلك تلاحظ النحاةَ يعربونهما بأنّ زيداً مبتدأ ونائم خبر ولكنهم لا
يقولون "والنسبة بـينهما ـ التي هي مفاد هيأة الجملة الخبريّة ـ هي نسبة
حرفية ربطيّة خبريّة" ، وإنما يغفلون عنها ، بل لا يلتـفت إليها إلاّ
المتخصّصون . وإذا تأمّلت في جملة (زيد نائمٌ) مرّة اُخرى تلاحظ أنّ فيها حرفين :
هيأة
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 100