اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 915
* وأمّا
التقيـيد
فهو ورود دليلٍ خاصٍّ
مخالِفٍ لدليلٍ مطلَقٍ من القيود ، كما في قول المولى (أكرِمِ العالِمَ) ثم قال
(لا تكرمْ فسّاقَ العلماء) ، فقولُه (العالِمَ) ناظرٌ ـ لا محالةَ ـ إلى طبـيعة
العالِم ، وليس نظرُه إلى أفراد العلماء بنحو الإستغراق الشمولي ـ كما كان الحال
في العام السالف الذكر وكان مثاله (العلماء) الذي كان فيه نظرٌ في مرحلة جعل الحكم
إلى التكثّر الشمولي لأفراد العام ـ . نعم ، العرفُ يَفهَم من قول المولى
(العالِم) هنا هو كلّ عالم ، لكنْ هذا الفهمُ العامُّ إنما كان لعدم تقيـيد
(العالم) بفرد خاصّ معهود ، فإذا لم يكن هناك عهدٌ خاصّ بين المتكلّم والسامع ـ
والمفروضُ وجودُ حرف ( ألـ ) التي تـفيد العهد ـ فإنّ المعهود سوف يتعيّنُ ـ عرفاً
ـ في المرتبة الأخيرة من العلماء لا محالة ، لأنه لا يوجَدُ غيرُها مرتَبةٌ معيّنة
معهودة ، ولذلك ترى الناسَ تـنصرف أذهانُهم إلى الحدّ الأخير ، فإذا جاء بعد ذلك
(لا تكرم فسّاق العلماء) فإنه يُنظَرُ ، فإنّ كان الكلام الأول في
محلّ البـيان التامّ للعمل فإنـنا يجب أن نحمل التقيـيد في الجملة الثانية على
الإستحباب
قطعاً ، ولا أظنّ وجودَ خلافٍ في هذا ، وذلك كما لو سأل سائلٌ الإمامَ : إنّي
أفطرت يوماً عامداً من شهر رمضان فما كفّارتي ؟ فقال له (أعتق رقبةً) ، ثم سأله
سائلٌ آخر نفسَ السؤال في مجلسٍ آخرَ فأجابه (أعتق رقبةً مؤمنةً) ، فإنّ العلماء
يحملون القيدَ على الإستحباب بلا شكّ ولا خلاف ، وأمّا إن كان الكلامُ
الأوّل مهمَلاً من حيث التـفاصيل ، ثم جاء القيدُ فإنّ علماءنا يقيِّدون ، كما لو قال المولى
(صَلّوا وصوموا) ثم جاءت تقيـيدات بعدد معيّن من الصلوات ، وبعدد معيّن من أيام
الصيام ، فهنا يجب التقيـيد قطعاً .
* * * * *
تطبـيقات للجمع العرفي
1) هل يُرجع إلى عموم
العام أم إلى المخصِّص في حالتَي الشبهة المصداقية ـ في مثال "أكرم
العلماء" و "لا يجب إكرامُ فسّاق العلماء" وكان زيد عالماً ،
وشككنا في عدالته وفسقه ـ والشبهةِ المفهوميّة ـ كما لو شككنا في المثال السابق
في معنى الفاسق ، هل هو خصوص مرتكب الكبائر أم يشمل مرتكبَ الصغائر أيضاً ـ أم لا ؟
الجواب : لا يمكن الرجوعُ إلى
عموم العام في الحالتين المذكورتين ، وذلك لعدم الدليل على نزول المصداق ـ في
الشبهة المصداقيّة ـ تحت حكم العام ، فلعلّه يكون نازلاً موضوعاً تحت الخاصّ ، أي
لعلّ
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 915