اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 907
نجاسته هو المتّبَع وهو المقدَّم
على أصالة طهارته ، وكأنّ استصحابَ نجاسته يجلب الشيءَ الفلاني إليه ويقول لأصالة
الطهارة (هذا المورد مَوردي وليس موردَكِ) فيطبّق عليه حُكْمَه .
وباختصار : إذا كان يوجَدُ
دليلٌ واردٌ فلا قيمةَ للدليل المورود أصلاً ، وكأنه عدم تماماً ، فإذا حصل عندنا
عِلْمٌ بشيءٍ فلا قيمةَ للأمارة المخالِفة أصلاً ، وكأنها عدم تماماً ، وإذا جاءت
أمارةٌ فلا يعود للأصل المخالِف أيُّ قيمة ، وكأنه عدم تماماً ، وإذا علمنا
بالحالة السابقة فلا يـبقى لأصالة الطهارة قيمة ، وكأنّ أصالة الطهارةِ عدمٌ
تماماً ... وهكذا .
وعليه فالفَرْقُ بين الدليل الوارد
والدليل الحاكم ـ الذي سوف يأتي بـيانُه بعد قليل ـ هو أنّ الوارد يَرفع شرطَ
جريان الدليل المورود تكويناً وحقيقةً ، وأمّا الحاكم فإنه يتصرّف في موضوع الدليل
المحكوم تعبّداً كما في (الربا حرام) و (لا ربا بين الوالد وولده) بمعنى أنّ
الحاكم يتصرّف في معنى الموضوع في الدليل المحكوم تضيـيقاً أو توسعةً ، ولذلك فهو
يجب أن يكون ناظراً إلى موضوع الدليل المحكوم ، وبالتالي يجب أن يكون الدليل
المحكوم موجوداً قبل وجود الدليل الحاكم ، وأمّا الواردُ فإنه يرفع شرطَ جريان
الدليل المورود ولا يتصرّف بمعنى الموضوع المورود ، ولذلك لا يجب أن يكون الدليلُ
الوارد ناظراً إلى الدليل المورود ، ولا يجب أن يوجد بعد الدليل المورود .
وادّعى السيد الشهيد بأنه قد يوجِدُ أحدُ
الدليلين فرداً من موضوع الحكم في الدليل الآخر ، فالأوّل وارد ، والثاني مورود
عليه .
ولكن في هذا القول شكٌّ ، لأنه يُشترَطُ أن
يكون بين الوارد والمورود طوليةٌ ، ويَصْعُبُ إدخالُ هكذا مثالٍ تحت اصطلاح
(الورود) بذريعة أنّ الدليل الثاني يحقّق شرطَ الدليل الأوّل ، فإني لم أجِدْ مَنِ
استعمل اصطلاحَ (الورود) على الدليل الذي يحقِّق شرطَ دليلٍ آخرَ ، على أني لم أجد
مثالاً على هذه الحالة ، لذلك فالأحسنُ عدمُ ادّعاء أنّ من أنحاء الورود هو تحقيق
موضوع وشرط دليل آخر كما ادّعى السيد الشهيد qفي الحلقة الثالثة في بحث
الورود والتعارض .
* وهل أنّ (خبر الثقة حجّة) كحُكمٍ كلّي هو الوارد على (لا
يجوز الإفتاء إلاّ بحجّة) ، أم (خبرُ الثقة) الجزئي الخارجي هو الوارد على (لا
يجوز الإفتاء إلاّ بحجّة) ؟
الجواب : يجب أن نَعْلَمَ
أوّلاً أنّ اصطلاحات (الورود) و (الوارد) ونحوَهما هي اصطلاحات القوم ، وليست
آياتٍ منزَلةً مِن عند الله عزّ وجلّ ، ولذلك لا ينبغي الوقوف كثيراً على هكذا
نقطة ، وإن كان الصحيح أنّ (خبر الثقة) الجزئي هو الوارد ، لأنه في مثالنا هذا ،
خبرُ الثقةِ هو فردٌ من أفراد الحجّة ، فهو الذي يُلغي شرطَ جريان الأصلِ العملي ،
وليس (خبر الثقة حجّة) الكلّي هو
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 907