اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 904
الجهة الثانية : هل يَشمل التعارضُ كمُصطلحٍ حالاتِ إمكان الجمع
العرفي ؟
لعلّك تعلم أنّ الجمع التبرّعي
ـ أي غير العرفي ـ هو غير صحيح ، لا عرفاً ولا شرعاً ، كما لو وردنا (بـيع الكلاب
الثلاثة جائزٌ) و (بـيعها حرامٌ) فيَقُوم شخصٌ بالجمع التبرّعي بـينهما بالقول :
أي (بـيعها بحسب الأصل حرام إلاّ من غير محترم المال كالكافر فإنه جائز) ، أو (إذا
كانت مدرّبةً فهو جائز وإلاّ فهو حرام) ... فإنّ هكذا جمعاً إن لم يكن عليه دليلٌ
، غيرُ معتبَرٍ شرعاً أصلاً وذلك لعدم الدليل .
*وهل يشمل التعارضُ ـ كمصطلحٍ ـ حالةَ
التعارض القابلِ للجمع العرفي أيضاً ـ وهي حالات وجود حكومة أو تخصيص أو تقيـيد أو
قرينة أو أظهريّة ـ أم هو مقتصِرٌ على التعارض المستقرّ أي الغير قابل للجمع العرفي ؟
الجواب : هذا بحث لفظي ، على
كلّ حال ، قال السيد الشهيد بأنه يَلزَم علينا أن نُدْخِلَ حالاتِ القرائن المنفصلة المخالفة للدليل
الأوّل تحت عنوان (التعارض) . أمّا وضْعُنا لحالات وجود قرائن منفصلة تحت عنوان
(التعارض) ـ كما في (الربا حرام) و (لا ربا بين الوالد وولده) ـ فهو أنّ الشارع
المقدّس يكلّم الناسَ ، والناسُ تـفهم من (الربا) معنى الفائدة ، فإذا قيل (الربا
حرام) يعني ـ بنظر الناس الذين يكلّمهم المعصومون ـ ما يُطلَقُ عليه (الربا
والفائدة) عرفاً ، فحينما يأتي في رواية ثانية (لا ربا بين الوالد وولده) يتعجّب
الناس ، ويقولون "الكلام الأوّل مخالف لإطلاق الكلام الثاني" ، فلأجل هذا
ينبغي إدخالُ حالة الحكومة تحت عنوان (التعارض) ، نعم ، لأنه يمكن الجمع العرفي بـينهما
ينبغي جعلُه تحت عنوان (التعارض الغير مستقرّ) .
أقول : صحيحٌ أنّ العرف قد
يتعجّبون في بادئ الأمر من هكذا تـفسيرٍ للربا ، ولكن يسكنُ تعجّبُهم حينما
يلتـفتون إلى أنّ تـفسير موضوعات الأحكام ينبغي أن يأتي من نفس مقنِّن الحكم ، أي
من مصدر هذا الشرع ، فهو حينما قال ـ على خلاف الناس المرابين ـ (الربا حرام) فمِن
حقِّه أن يستـثـنيَ بعضَ الأفراد من موضوع هذا الحكم الشرعي ، فاستـثـنَى ، فهنا
لن يدّعي العرفُ وجودَ تعارض بين ذي القرينة والقرينة . ولذلك نقول بأنّ الأحكام
المنسجمة يَصْعُبُ أن نعتبرها متعارضةً ، ويظهر أنّ مشهور العلماء قالوا
بعدم كون حالات إمكان الجمع العرفي من حالات التعارض كصاحب
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 904