اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 849
التصرفِ في ماله ، لا حكمَه بنُمُوِّه
ونباتِ لحيته ، لأنّ هذه اللوازمَ غيرُ قابلة لجعل الشارع" (إنـتهى) [830] ، فكيف يُعقَلُ
التعبّدُ باللوازم العقليّة للأمارات دون الأصول ؟! أليس في كليهما تعبّدٌ ؟!
وكذلك لا مانع ظهوريَّ من شمول أدلّة
الإستصحاب لما فيه أثرٌ شرعي مترتِّبٌ على أثر عقلي ، فيكفي أن يكون طبـيعيُّ
الأثر شرعياً ، أي يكفي أن يكون الأثر الأخير شرعيّاً ، ويكفينا إطلاقُ أدلّة
الإستصحاب دليلاً على ما نقول ، ولا دليل على وجوب الإقتصار على خصوص الآثار
الشرعيّة المباشرة .
لَقُلتُ : ما ذُكِر غير صحيح ،
لأنّ المشكلةَ هي في وجود مانعَين يمنعانِ مِن جريان الأصل المثبت وهما : (تغايُرُ اللازمِ
التكويني للمستصحَبِ ـ المستصحَبُ هو حياة زيد ولازمُه التكويني هو نباتُ لحيته
تعبّداً
ـ مع شرط الحكم ـ وهو نبات لحيته بنحو القطع الوجداني أي الصفتي ـ) والثاني : (إستهجانُ
العقلاء واستبعادُهم اعتبارَ الآثار العقليّة حجّة شرعاً في الأصول العمليّة ممّا
يَصْرِفُ أدلّةَ الإستصحاب عن الحجيّة في اللوازم العقليّة) :
أمّا المانعُ الأوّل فبـيانُه
في المثال التالي :
قد يكون زيدٌ نائماً
تحت حائط ، وتركناه نائماً تحت الحائط وذهبنا ، ثم عَلِمْنا بأنّ الحائط قد وقع إلى
جهته ، فلو استصحبنا بقاءَه تحت الحائط لَحَكَمْنا تعبداً بـ (طحْنِ عظامِه)
وبالتالي بـ (موتِه) قطعاً ، فهل نستصحب بقاءَه تحت الحائط لنحكمَ بوجوب اعتداد
زوجته وبتقسيم ماله ؟!
الجواب : كلا ، لأنـنا لو
أردنا استصحابَ بقائه في مكانه لنُـثْبِتَ (موتَه) فهذا الإستصحابُ يكون أصلاً
مثبتاً ،
وذلك لأنّ الفقيه يَفهم من (الموت) الذي يترتّب عليه الإعتدادُ وتقسيمُ التركة هو الموت بوجوده
الواقعي أي بنحو القطع الوجداني الصفتي ، إذن فتغايَرَ موضوعُ الحكمِ بالإعتداد وتقسيم
المال ـ الذي هو موته بنحو القطع الوجداني ـ مع اللازمِ التكويني للمستصحَب
ـ المستصحَبُ هو بقاؤه تحت الحائط ولازمه التكويني هو موتُه بالتعبّد ـ ، هذا المانع
العقلي الثبوتي هو المانع الأوّل ، إذن لازمُ المستصحَبِ ـ الذي هو موتُه تعبّداً ـ
غيرُ موضوعِ الحكم ـ الذي هو (موته بنحو القطع الوجداني الصفتي) ـ ولم يَثبُت
موضوعُ الحكم ، إذن لن يَثْـبُتَ الحكمُ . ولذلك ترى فقهاءَنا يستصحبون حياتَه للحكم
بالآثار الشرعية المباشرة فقط كعدم اعتداد زوجته وبعدم تقسيم ماله ، ولا يستصحبون
بقاءَه تحت الحائط ليَحكموا عليه بأثرٍ تكويني أو عقلي أو عادي كـ (الموت تعبّداً)
. إذن فالمشكلة ثبوتيّة وهي مغايَرةُ لازمِ المستصحَبِ مع موضوع الحكم .
[830] فرائد الأصول ج 3 ص 233 .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 849