اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 847
بهذه الأجرة ... ولا شكّ ولا خلاف
في صحّة كلّ هذه الإستصحابات التي يترتّب عليها آثار شرعيّة طوليّة مباشِرة .
وقد يترتّب الأثرُ الشرعي
بواسطة أثر تكويني أو عقلي أو عادي ، فهنا محلُّ الكلام وهنا يَدّعي العلماءُ عدمَ
جريان الإستصحاب ، وذلك لأنه سيكون ح أصلاً مُثْبِتاً ، أي يُثْبِتُ الأثرَ الشرعي
بواسطة أثر تكويني أو عقلي أو عادي ، وقد يعبِّرون عن هذه الآثار ـ باختصار ـ
بالأثر العقلي أو اللازم العقلي .
فالسؤالُ هو : هل تَشمُل
أدلّةُ الإستصحاب هذه الصورةَ الأخيرة وهي صورةُ ما لو ترتّبت الآثارُ الشرعيّة
بواسطةٍ عقليّة أم لا ؟
الجواب : لا شكّ في عدم صحّة
جريان الإستصحاب في هكذا حالة ، وذلك لأنك إنما تريد من هذا الإستصحابِ إثباتَ وجود شرط القضية الشرعية
الشرطية ، كما فيما لو أردنا إثباتَ نبات لحية الولد الذي ضاع حينما كان صغيراً وكان
أبوه يومَها قبل ضَياعه قد نذر أن يذبح شاةً إن نبتت لحيتُه ، ففي هكذا حالةٍ لا
يجري استصحابُ بقاءِ حياته لنُـثْبِتَ وجودَ نبات لحيته ، لأنّ القضية الشرعية هي
هكذا "إن نبتت لحيةُ ولدك فاذبح شاةً" فهي إذن قضيةٌ شرطية ،
والإستصحابُ لا يُثبت وجودَ شرطِ القضية الشرعية الشرطية لأنه مطلوب عرفاً بنحو الوجود الصفتي ـ كما قلنا في البحث
السابق ـ أي لا يترتّب الأثرُ الشرعيّ المنجَّز إلاّ إذا عَلِمْنا بنحو القطع
الوجداني الصفتي بوجود الشرط ، ولذلك نقول بأنّ استصحاب حياة الولد سوف يكون أصلاً
مثبتاً لشرط القضية الشرطية ، وإثباتُ وجود شرط القضية الشرطية ـ كإثبات نبات لحية الولد
الضائع ـ ليس أثراً شرعياً ، وإنما يُثْبِتُ الإستصحابُ بقاءَ حياته التي يترتّب
عليها آثارٌ شرعية مباشرة كالحكم ببقاء الزوجية وبحرمةِ التصرّف بماله .
وبـبـيان آخر ، قد يَفهم
الفقيهُ من بعض الشروط الموجودة في موضوعات الأحكام أنها مطلوبة بوجودها الواقعي ، أي بنحو
القطع الصفتي ، وهنا مورد الأصل المثبت ، وقد تكون القضية من قبـيل "إذا زالت
الشمسُ فصَلِّ" فهنا الإستصحابُ يَجري لنفيِ زوالِ الشمس ، ولكنْ
هذا الإستصحابُ ليس من الأصل المثبت لأنه يريد أن يَنفيَ زوالَ الشمس ولا
يُثبتها ، وقد يَفهم منها أنها مطلوبة بنحو الموضوع الواحد كما في "أكرم
العالِمَ العادلَ" التي يجري فيها استصحابُ العدالة لإثبات وجوب الإكرام
مباشرةً ، وكما في قول المولى "إشربْ خصوصَ الماءِ الطاهر" فلو شككنا في
طروء النجاسةِ على الماء فنحن نستصحبُ بقاءَ طهارة الماء لِنُـثْبِتَ جوازَ شربِه
، مباشرةً وبلا واسطة عقلية ، هذا ولكنْ محلُّ الأصلِ المثْبِتِ هو النحو الأوّل فقط .
وبتعبـير ثالث ، إنّ الإستصحاب لا يُثبِتُ شروطَ القضية الشرعية الشرطية بنحو
القطع الوجداني ـ كما قلنا قبل قليل ـ لأنّ الظاهر من شروط القضايا الشرطية أنها
مطلوبة
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 847