اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 839
6 ـ استصحاب الحكم ِ المعلّق
الكلام هنا هو في صحّة استصحاب الحكم
ِ المعلّق ، سواءً كان الحكم المعلّقُ موضوعِيّاً أو تكليفيّاً ، ومثالُه المشهور : إن كانت القضيّةُ
الشرعيّة هكذا "إذا غلى العصيرُ العنبي فإنه يحرم إلى أن يذهب الثلثان"
، فهل يمكن لنا استصحاب قضيةِ "إذا غَلَى العصيرُ العنبي فإنه يحرم إلى أن
يذهب الثلثان" لِنُـثْبِتَ قضيةَ "إذا غَلَى العنبُ اليابس فإنه يحرم
إلى أن يذهب الثلثان" ؟ وبالتالي إذا غلينا الزبـيبَ في الماء فهل يصير
محرّمَ الأكل ؟
مثالٌ آخر : إذا خرج أحدُ العيال
من البـيت قبل ليلة عيد الفطر بساعةٍ أو بدقائق وشككنا في بقائه عرفاً تحت
العيلولة عند دخول ليلة عيد الفطر ، فهل تُستصحَبُ القضية الشرطية القائلة (إذا
كان الشخص تحت عيلولة شخصٍ فعلَى المُعيلِ أن يدفع عنه زكاةَ الفطرة) بالنسبة إلى
هذا المُعال الذي خرج غضباناً ـ مثلاً ـ قبل دخول الليلة بساعة أو بدقائق وذهب إلى
المطعم وصار يأكل فيه ، أم لا يجري استصحاب هذه القضية ؟
ذهب بعض العلماء إلى القول
بجريان الإستصحاب في الأحكام المعلّقة ، وأنكر صحّتَه البعضُ الآخر من المحقّقين
كالمحقّق النائيني وصاحب الرياض وولده صاحب المناهل والسيد الخوئي والسيد
البجنوردي وغيرِهم . قال سيّدنا الشهيد في التقريرات ج 6 ص 281 : "كان
المشهور قبل المحقّق النائيني جريانَ هذا الإستصحاب ، إلاّ أنّ هذا المحقّق الكبـير
برهن على عدم جريانه ، فأصبح المشهور بعده عدمَ الجريان" (إنـتهى) .
على كلٍّ ، فقد تبنَّى
الإستصحابَ في الحكم المعلّق السيد مهدي الطباطبائي والشيخ الأنصاري وصاحب الكفاية
والمحقّق العراقي والمحقّق الأشتياني ، وإنّي لم أرَ ـ رغم البحث الكثير في
الحاسوب ـ مَن تعرّض مِن علمائـنا لهذا البحث قبل السيد مهدي الطباطبائي حيث نَقَل
عنه الشيخ الأنصاري أنه حاول إثباتَ حرمة عصير الزبـيب إذا غلى بالإستصحاب ، وردّه
الطباطبائيان صاحب الرياض وولده صاحب المناهل[819] . وجاء دور الشيخ
الأنصاري ليشيّد أركانَ هذا الإستصحاب ويُثْبِتَ إمكانَ جريانه ، فتبعه المحقّق
الخراساني والمحقّق العراقي وغيرهما ، فصار المشهور من بعد الشيخ جريانَه ، لكن
لمّا جاء دورُ المحقّق النائيني أثبت عدمَ جريانِه وتبعه السيدُ الخوئي والشهيد
السيد محمد باقر الصدر ، وهو الحقّ .
[819]
نَـقَلَه عنهما الشيخُ الأنصاري ، راجع فرائد الأصول 2 ص 653 ، والشيخ حسن طراد
العاملي في كتابه (دروس في
أصول الفقه) ج 5 ص 184 .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 839