اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 840
على كلٍّ ، نحن نرى بأنه لا
يمكن القولُ بصحّة جريان استصحابِ الحكم المعلّق ، وقبل إثبات ذلك يجب أن نقول
بأنّ هناك ثلاث
محاولات للخصم
لإثبات صحّة جريان الإستصحاب في الحكم المعلّق :
المحاولة الأولى : وهي عبارة عن ادّعاء أنّ
استصحاب الحكم المعَلَّقِ على شروطه قبل تحقق شروطه راجع إلى استصحاب أمر محقَّق
منجز ، وبتعبـير الشيخ الأنصاري : "اللازمُ ـ وهو الحرمة ـ له وجودٌ مقيَّدٌ
بكونه على تقدير الملزوم ، وهذا الوجود التقديري أمرٌ متحقِّقٌ في نفسه أيضاً ، وح
فإذا شككنا في أنّ وصف العنبـية له دخل في تأثير الغليان في حرمة ماء العنب بحيث
لا يكون للغليان أثرٌ في التحريم بعد جفاف العنب وصيرورته زبـيـباً ، فنستصحب
الحرمة على تقدير الغليان ، فيثبت أنّ الزبـيب يحرم ماؤه إذا غلى" (إنـتهى) [820]يعني : إذا شككنا في
أنّ وصف العنبـية له دخلٌ في تأثير الغليان في الحرمة فإننا نستصحب الحرمةَ على
تقدير الغليان !! وقال أيضاً : "وتوهُّمُ كونِ استصحاب الحكم المعلّق من القياس أو
من استصحاب الحكم الفرَضي مدفوعٌ بما ذكرنا ، فإنّ استصحاب الحكم المعَلَّقِ على
شروطه قبل تحقق شروطه راجع إلى استصحاب أمر محقَّق منجز ، كما يظهر بالتأمُّل"
(إنـتهى)
[821] .
وقد عبّر الشيخ حسن طراد العاملي
عن كلام الشيخ الأنصاري بالشكل التالي : "إنّ في الشريعة الإسلامية أحكاماً ،
منها مقيّدة ومنها مطلقة ، ودليل الإستصحاب يشملهما معاً ، فإذا جاز الإستصحابُ في
أحدهما جاز في الثاني ، ولا دليل على الفرق إلاّ الظنّ ، وهو لا يغني من الحقّ
شيئاً" .
المحاولة الثانية : ما ذَكَرَه الشيخُ
الأنصاري أيضاً ، قال : "نستصحب سبـبـيةَ غليانِ العصير العنبي
، فهي حكم وضعيّ فعليّ ، معلوم حدوثاً ، ومشكوك بقاءً" [822] !! ولعلّه يريد من
استصحاب السبـبـية ما قاله في المحاولة السابقة من استصحاب الحكم المعلّق .
والمحاولة الثالثة : وهي عبارةٌ عن محاولة
إجراء الإستصحاب في شرط القضيّة الشرطية ، ولا داعي ح لاستصحاب نفس القضية الشرطية
ـ أي لا داعي لإجراء الإستصحاب في الشبهات الحُكْمِيّة ـ ، فإذا شككنا في تغيُّرِ
موضوع الحكم فإنـنا بالإستصحاب نـُثْبِتُ بقاءَه ، وهي صغرى القياس ، والكبرى
ثابتة شرعاً ، وهي القضية الشرعية الشرطية ، فيَثبُتُ الحكمُ .