اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 826
شبهة انفصال زمان اليقين
عن زمان الشك
هذه المسألة هي إشكالٌ على
ادّعاء جريان الإستصحابين في مجهولَي التاريخ الذي قاله بعضُهم في المسألة السابقة
فقالوا : لو وقعبـيع
من الراهن ـ المقرِضِ الموضوعِ عنده الغرضُ ـ ورجوعٌ من المرتهن ـ المقتَرِض صاحبِ
الغرض ـ عن إذنه في البـيع ولم يُعلَم تقدُّمُ أحدِهما على الآخر[809] ، والمفروضُ إناطةُ
صحة البـيع بأن لا يقع في زمان رجوع المرتهن عن إذنه في البـيع ، فلا بُدَّ هنا من
فرض أزمنة ثلاثة للبـيع والرجوع عن الإذن : أحدها : زمان العلم بعدم البـيع
وعدم الرجوع كيوم السبت ، ثانيها : زمان حدوث أحدهما كيوم الأحد ، ثالثها : زمان حدوث الآخر كصباح
يومِ الإثـنين ، فيومُ السبت هو زمانُ العِلم بعدم كلٍّ مِنَ البـيع والرجوع ،
ويومُ الأحد هو زمانُ العلم بحدوث أحدهما ، وصباح يومِ الإثـنين هو زمانُ العلم بحدوث
الآخر ، إذَنْ فعند ظهر يوم الإثـنين هو يعلم بحصول البـيعوالرجوع عن
الإذن ، لكنْ مع الجهل بالطرف المـتـقدّم على الآخر ، إذ لم يُعلم أنّ البـيع
وقع في يوم الأحد ـ حتى يكون مقدَّماً على الرجوع عن الإذن ويترتب عليه آثارُ
الصحة ، لوقوعه في زمان عدم الرجوع عن الإذن ـ أو وقع صباحَ يومِ الإثـنين ـ حتى
يكون باطلاً ، لوقوعه بعد الرجوع عن الإذن الواقع يوم الأحد ـ والمفروضُ ـ كما
قلنا ـ إناطةُ صحة البـيع بوقوعه في زمان عدم الرجوع عن الإذن .
وأما وجه عدم جريان إستصحاب عدم
الرجوع عن الإذن فهو ـ على ما نُسِب إلى صاحبِ الكفاية ـ فقدانُ شرط جريان الإستصحاب وهو
إحراز
اتصال زمان الشكّ بزمان اليقين حيث إنّ موضوع أخبار الإستصحاب هو نقض اليقين بالشك ، فنقول
:
إنّ زمان اليقين بعدم الرجوع ـ كما
مَرّ آنـِفاً ـ هو يومُ السبت ، فإذا استصحبنا عند ظهرِ يوم الإثـنين عدمَ الرجوع
عن الإذن لم يُحرَز اتصالُ زمان شكه بزمان اليقين ، لأنه إنْ كان حدوثُ الرجوع صباح
يومِ الإثـنين اتصل زمان الشكِّ فيه بزمان اليقين بعدمه وهو يوم السبت ، وإنْ كان
حدوثُه يومَ الأحد انفصل زمانُ الشك ــ وهو يوم الإثـنين ــ عن زمان اليقين ، لِتخلُّلِ
اليقينِ بالرجوع عن الإذن في يوم الأحد ، فنكون قد نقَضْنا اليقينَ بعدم الرجوع
باليقين بالرجوع ، ولم نـنقضه بالشكّ ، ومع عدم إحراز نقض اليقين بالشكّ لا يجري
الإستصحاب . وربّما ينسب هذا القول إلى صاحب الكفاية ، لكنهم حيث اختلفوا في نقل
كلامه وفهمه فلا يمكن لنا أن نـنسب هذا القول له بنحو الجزم[810] .
[809]
أخذت هذا المثال من كتاب منـتهَى الدراية ج 9 ص 129 .
[810]
راجع منـتهى الدراية ج 9 ص
128 طبعة نشر ذَوِي القُربَى/
قُمّ المقدّسة .
اسم الکتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) المؤلف : آل فقيه العاملي، ناجي طالب الجزء : 1 صفحة : 826